في 11 فبراير، اليوم الذي سبق خطاب الرئيس باراك أوباما الثاني عن حالة الاتحاد، طلعت علينا أجهزة الإعلام في واشنطن لتعلن عن مصادقة وزارة الدفاع الإسرائيلية على توسيع 90 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة بيت إيل. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن المخطط كان قد حصل على المصادقة من الحكومة أولا، كجزء من صفقة تم التوصل إليها مع المستوطنين حول إخلاء بؤرة استيطانية غير شرعية في أولبانا.
ألا تفهم الحكومة الإسرائيلية؟ بحسب آخر تقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن جميع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير شرعية.
بالطبع هم يفهمون ذلك. إسرائيل تعرف أن القانون الدولي قوي بالقدر الذي يجعله المجتمع الدولي قويا. الوصول إلى نتائج دون أن يكون هناك قوة لتطبيق التوصيات لن يردع توسع "إسرائيل الكبرى" الذي يتم حاليا. وهم يعرفون أن أوباما، الذي يقوم بأول زيارة خارجية في فترته الرئاسية الثانية إلى إسرائيل، سوف يحميهم.
هذا تحذير يجب أن يفهم – باراك أوباما لن يفرض القانون الدولي بالقوة على إسرائيل. لا تنخدعوا بالسجل القديم لجون كيري، وزير الخارجية الأميركي الجديد. أوباما شريك في المؤامرة في الجرائم ضد الفلسطينيين. أوباما أعطى تعليمات كي تعترض الولايات المتحدة على عمل بعثة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة المكلفة بالتحقيق في انتهاكات إسرائيل للحقوق في الأراضي الفلسطينية؛ أوباما يدين الفلسطينيين بسبب نجاحهم في الحصول على موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن يكونوا الدولة رقم 194 في تلك المنظمة الدولية كدولة مراقبة؛ إدارة أوباما قطعت التمويل عن السلطة الفلسطينية بعد خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة في سبتمبر 2011 الذي دعا فيه للاعتراف بالدولة الفلسطينية، في الوقت الذي زاد فيه الدعم المالي والأسلحة إلى إسرائيل.
لا تتوقعوا شيئا أكثر من الكلمات الفارغة حول عملية السلام من كيري وأوباما. سيحاولان أن يجبرا الفلسطينيين على البدء بجولة جديدة من المفاوضات العقيمة مع بعض التهديدات والوعود بدفعات بسيطة قد لا تصل مطلقا. المجتمع الدولي يجب أن يتجنب مثل هذا النفاق.
عوضا عن ذلك، هناك ما يكفي من التوصيات في تقرير المجلس الدولي لحقوق الإنسان للدول
الـ192 الأعضاء في الأمم المتحدة – ذلك مع استثناء إسرائيل والولايات المتحدة - لتطبيق ضغوط اقتصادية فورية وجدية على إسرائيل من خلال إنهاء جميع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل المتعلقة بشراء منتجات المستعمرات غير الشرعية مثل الحمضيات والبضائع المصنعة. هذه المواد هي عماد التصدير إلى الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، وإسرائيل، التي تمر بأزمة اقتصادية، تعتمد بشكل متزايد على هذه المنتجات. إنهاء جميع التعاملات التجارية مع المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية المحتلة ستكون ضربة جراحية في قلب المستوطنات – بدون أضرار وخسائر جانبية. المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية يجب أن يتم إغلاقها ويجب أن تعود الأرض، بما في ذلك البنية التحتية إلى الشعب الفلسطيني.
منذ اتفاقيات أوسلو التي وقعت منذ حوالي 20 سنة، توسعت المستوطنات الإسرائيلية بشكل هائل ولا تزال تتوسع حتى اليوم. المستوطنون اليهود الذين استولوا على الأراضي الفلسطينية عددهم أكثر من نصف مليون، وبقوتهم وعددهم، أصبحوا جيشا يمارس العنف ضد الفلسطينيين، وخاصة الأطفال.
نتائج تقرير المجلس الدولي لحقوق الإنسان تقول إن الأمين العام يجد أن هناك انعداما للمحاكمة والاعتقال والمحاسبة عن جميع أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، والتي تتم في وضح النهار بوجود الجيش الإسرائيلي أو عناصر الشرطة الإسرائيلية الذين غالبا لا يمنعون أعمال العنف ولا يوقفونها. ويضيف التقرير أن عدم محاكمة اليهود ليس بسبب عدم وجود الموارد ولكن بسبب انعدام الإرادة السياسية للقيام بذلك.
ويقول التقرير إن العنف موجه بشكل خاص ضد الأطفال الفلسطينيين، وقد تم توثيق ذلك في الفقرتين 52 و53 من تقرير المجلس الدولي لحقوق الإنسان. ويشمل هذا استخدام السكاكين، الفؤوس، العصي، وأسلحة مبتكرة أخرى، بالإضافة إلى إطلاق النار وإلقاء قنابل المولوتوف الحارقة. ويشير التقرير إلى أن المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال - فلسطين سلمت شهادة إلى بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان وثقت فيها 127 حالة من عنف المستوطنين ضد الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية منذ 2008. أربعة من هؤلاء الأطفال قتلوا في أعمال عنف قام بها مستوطنون يهود. منذ 2010، تزايدت أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ضد الأطفال الفلسطينيين وهم في طريقهم إلى المدارس أو الهجمات على المدارس نفسها.
يتذكر المرء مشاهد من الأطفال السود في أميركا وهم يحاولون الذهاب إلى المدارس لدمج المدارس في ألاباما وميسيسيبي وأركنساس. لو كان الدكتور مارتن لوثر كينج حيا اليوم، أعتقد أنه كان سيقف ضد العنف الذي يمارس ضد الأطفال الفلسطينيين.
لكن أول رئيس أميركي أفريقي للولايات المتحدة لن يفعل ذلك.
هناك حديث عن أن التقرير سيعطي فرصة للفلسطينيين ليقيموا دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي. لكن ذلك سيستغرق سنوات. هناك عمل يستطيع المجتمع الدولي أن يقوم به فورا: توقفوا عن شراء بضائع المستوطنات غير الشرعية. هذه ستكون البداية.