طالب أكاديمي وخبير اقتصادي بإيقاف تصدير المنتجات المدعومة من الدولة كالقمح والمواشي وغيرهما، مؤكدين فاعلية الدعم الحكومي لكبار التجار وأثره الإيجابي، إلا أنهما أشارا إلى أن سياسة الدعم لا تخلو من العيوب التي يجب معالجتها لانعكاس أثر هذا الدعم على المواطن بشكل أكبر، والذي يتمثل في تصدير المنتج بعد دعمه.
ويرى الأكاديمي السابق في جامعة الملك سعود الدكتور عثمان السويح، أن إيصال الدعم مباشرة إلى المواطنين عن طريق البطاقات التموينية في دولة كالمملكة مترامية الأطراف قد يجد صعوبات في تطبيقه بالشكل المجدي. وأضاف السويح أن تطبيق مثل هذا النظام سيجد استحسانا من المواطنين أكبر من لو كان الدعم لكبار التجار، مستشهدا بتموين المملكة العام الماضي للطاقة بمبلغ 160 مليار ريال وما كان له من أثر إيجابي على المعيشة، مضيفا أن بطاقة التموين تشعر المواطنين بالاطمئنان النفسي، مشيرا إلى أن سوق الأغذية في المملكة شبيه بالعالم والدولة جزء من هذا العالم.
وطالب بإيقاف تصدير المواد المدعومة، مبينا أن القمح المدعوم من الدولة تهرب منه كميات كبيرة إلى الدول المجاورة بطريقة غير نظامية، مضيفا أن القمح أيضا يصنع منه "الأندومي" الذي يصدر أيضا بكميات هائلة.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي فضل البوعينين، أنه من الملحوظ أن بعض السلع المدعومة إما دعما مباشرا أو غير مباشر يتم تصديرها من خلال التجار للخارج، مبينا أن مثل هذا الإجراء يعد خطأ فادحا يحمل الدولة أموالا طائلة في الوقت الذي يكون المستفيد منه التجار ورعايا الدول الأخرى المستقبلة لهذه البضائع.
واقترح البوعينين إذا ما استمرت سياسة الدعم أن تخصم المعونات المباشرة للمنتجات التي يتم تصديرها إلى الخارج وتورد إلى خزينة الدولة، مشددا على أن الدعم يجب أن يكون محليا ولا يسمح للسلع المدعومة بالتصدير إلا أن يكون الدعم مخصصا لدعم الصناعة والتصدير، وأنه يجب مراعاة احتياجات السوق المحلية بحيث تكون لها أولوية الإنتاج وما فاض عن الاحتياج المحلي يمكن تصديره وفق شروط محددة. وأضاف البوعينين أن سياسات دعم الصناعة يجب ألا تكون مطلقة وغير محددة المدة، فدعم الحكومة للصناعات يجب أن يرتبط بوقت محدد، وهو وقت حضانة هذه الصناعة ومن ثم يجب أن تقطع المعونات بعد فترة محددة كفيلة بقدرة هذه المصانع على تحقيق المنافسة. وبين أنه لو أعيد توزيع أموال الدعم على أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية والمحتاجين لحققت فائدة أكبر من الفائدة التي تحققها سياسة الدعم المفتوح وبحجم أموال أقل. وذكر أن الدولة لم تقصر قط في دعم المواد الغذائية بشكل عام، مبينا أن الدعم الحكومي في الغالب يصب في مصلحة التجار ولا يستفيد منه المواطن، إضافة إلى أن الدعم الحكومي يكون موجها لجميع سكان المملكة بمن فيهم الأجانب والمقتدرون ماليا، وهذا عيب من عيوب الدعم العام.
ويرى البوعينين أن ما تتحمله الحكومة من أموال ضخمة لدعم السلع لا يظهر للمواطن البسيط، ومن الواجب أن يتحول هذا الدعم العام إلى دعم ذكي يصل إلى المستحقين، وهم ذوو الدخول المحدودة والمتوسطة، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال توفير آلية جديدة يمكن أن توجه الدعم مباشرة إلى المستحقين. وقال البوعينين: "أعتقد أن البطاقة التموينية هي أهم الأدوات التي يمكن من خلالها إيصال الدعم مباشرة للمستفيدين. وهذه البطاقة مطبقة في بعض دول الخليج وفي بعض الدول الغربية مما يعني أهميتها ونجاعتها أيضا"، مؤيدا إصدار بطاقات تموينية للشريحة المستهدفة بالدعم، ومبينا أن هذا سيوفر أموالا طائلة على الدولة وسيحقق الكفاءة المثلى لأموال الدعم. وأشار إلى أن هناك أيضا دعما آخر يوجه مباشرة للتجار من خلال الدعم اللوجستي وخفض تكاليف المناولة في الموانئ والتخزين وبعض الإعفاءات الجمركية، وهذا جزء من سياسة الدعم العام، مبينا أن دعم التجار لا يخلو من الأخطاء التي تفرغ سياسة الدعم من مضمونها.