ترددت في السابق مقولة التلفزيون السعودي "غصب واحد" و"غصب اثنين"، واليوم نقول "غصب علينا عشرات القنوات"، لدرجة أنه أصبح لدينا اليوم تشبع من العديد من البرامج، خاصة الحوارية، فالكل يدور في محيط الآخر، فقط الاختلاف تجده في طريقة طرح الموضوع، وللأسف الطرح متشابه "نفخ في قربة مخروقة"، بسبب عدم ردة فعل المسؤول وتجاوبه مع القضية المطروحة. ولو استعرضنا العديد من هذه البرامج لوجدناها متشابهة في اللون والرائحة والطعم.

وعلى مستوى البرامج الثقافية نجد أنها تستهدف فئة محددة، مشاهدين لهم اهتمامات ثقافية، وللأسف أن هذه البرامج إنتاجيا لا ترقى إلى تطلعات النخب المثقفة، أما البرامج الدينية فلا تتناسب مع خطاب الشباب والمتلقين لها؛ لأنها تركز على برامج الإفتاء وتفسير الأحلام.. البرامج الترفيهية بدورها تحظى بمشاهدة جيدة، لأن هذه النوعية من البرامج هي الأنسب عند القاعدة العريضة من الناس، وهذا ما تركز عليه معظم القنوات التجارية؛ لأنها هي مصدر الدخل المادي لاستمراريتها، ناهيك عن المعلن الذي يحرص عليها كثيرا لما تزخر به من النجوم المستضافين في هذه البرامج، كونهم الأقرب إلى قلوب الناس. نصل إلى البرامج الرياضية التي تحتل الصدارة لدى العامة، وهذه النوعية من البرامج يجب أن تكون هي الأفضل إنتاجا وإعدادا، إلا أن معظم هذه البرامج تنصب على كرة القدم فقط، مع العلم أن هناك العديد من الألعاب التي لديها مشجعون ومتابعون بنسب جيدة، تستحق من القنوات الاهتمام بهم ورفع مستوى هذه الألعاب، ناهيك عن الجانب الثقافي الذي يعد من مسؤوليات الأندية، وهذا الدور مغيب في برامج التلفزيون، سواء السعودي أو غيره من القنوات الفضائية، وفي موضوعي والذي بدأت به عن "غصب واحد" و"غصب اثنين" تعود هذه الأوصاف ثانية عندما نغصب من قبل بعض القنوات على برامجها التي ترضي معلنيها وعلى حساب عقلية المشاهد ومحفظته الفقيرة. والتلفزيون هو الأنجح في تغيير مسار أي توجه اجتماعي وثقافي.