تفحيط وتدخين وتحشيش وخمر ومخدرات و"بويات"، وسرقات، وجرائم، ومرضى نفسيون،.. وبعدين؟.
التوسع في المستشفيات النفسية والسجون أو تغليظ العقوبات، أو زيادة دوريات الشرطة ودوريات الهيئة لن يخفي ولن يحد من تلك الظواهر التي باتت عناوين رئيسية في إعلامنا المحلي اليومي.
ذات يوم كان يمنع نشر وتناول مثل هذا، ممنوع حتى التلميح بذلك، ودفعنا ثمن تلك السياسة الإعلامية الخاطئة.
كان الابن يعاني في بيته من جراء ما يتعاطى من المخدرات وكانت الأسرة تبحث عن "مطوع" ليظهر "الجني" المتلبس بالابن لعدم معرفتها بالمخدرات ولعدم معرفة "المطوع" نفسه بالمخدرات.
بعد فوات الأوان، بات العلاج صعبا، وهكذا دفعنا ثمن نفي حالة كنا نعيشها لكننا كنا نكابر ونرفض الاعتراف بها.
تتكرر الآن الحالة في غير المخدرات، بين الشباب والشابات على وجه الخصوص، والفرق أن ما كان ممنوعا تناوله إعلاميا بات مباحا، وهو البطل الرئيس في كافة وسائل إعلامنا بالصوت والصورة، بل بات المتحدث الرسمي في هذه الدائرة أو تلك الوزارة هو من يزود وسائل الإعلام أولا بأول بكافة تفاصيل تلك الحالات والحوادث باختلاف أنواعها وبشاعتها وعددها، لكن هذه الحرية لم تعد كافية، نعم هي خلقت وعيا ومعرفة وإدراكا بما يدور حولنا وبما نعاني منه، لكننا ما زلنا نستعرض المرض ونشخصه ونحاول البحث عن أدوية ومسكنات لكننا أبدا لم نتطرق للوقاية. ما أود قوله إن العالم انفتح على الشباب والشابات، ودخل كل شيء عليهم في بيوتهم، لكننا لم نتمكن من فتح أي أفق أمامهم يتناسب والعصر الذي يعيشونه، حتى ما هو حلال حرمناه عليهم من باب سد الذرائع فلجأوا للحرام مباشرة بل ولأعظم ما في الحرام بعض مدننا حزينة مظلمة، لا مبادرات ولا أنشطة ولا فعاليات ولا مناسبات ولا مهرجانات ولا مبادرات تتناسب وأعمار هؤلاء الشباب والشابات وتتوافق مع عصرهم ومع رغباتهم. حتى وإن بادر أحد في إقامة ما هو حلال ومباح فإن تلك المبادرات تتحول إلى مناسبات رسمية وكلمات وخطب وسجاد أحمر وبشوت و"دخون" ومقاعد لكبار المسؤولين وكاميرات تصوير وفلاشات ولن يجد الشباب والشابات لهم مكانا في مناسبة كانت فكرتها الأولى لهم.
مثلما كابرنا في موضوع المخدرات حتى استشرى، ها هي أمراض خطيرة ليست أهون من المخدرات تستشري بين شبابنا وشاباتنا والسبب أننا غير مبالين وغير جادين في خلق أفكار وابتكار مبادرات تشغل الشباب والشابات بما يجدون أنفسهم فيه ويستمتعون به، وتملأ أوقاتهم بالكيفية التي لا تجعلهم أسرى للفراغ ومن ثم البحث عن المتعة الآنية المدمرة، أو الإصابة بالأمراض النفسية التي تؤكد الأرقام الرسمية أنها في ارتفاع شديد.