احتوى المدخل على غرفة كبيرة مظلمة مهجورة تملؤها الحجار والأتربة والأسرة المحطمة، وعلى يمين الممر توجد غرفة مخصصة للشرطة، وبعد هذا الممر على اليمين وجدنا شابا في العشرين من عمره مصابا ارتسمت على ملامح وجهه آلام الوجع والتعب بعد أن لفت قدماه بالكثير من الشاش الأبيض لإيقاف النزيف الذي بدا واضحا من خلال تواجد الدم في هذا الشاش ومحاولة أخيه المرافق له التخفيف عنه وهو يقف بجانبه يحمل كيس "المغذي" بيد ويربت على رأس أخيه بيده الأخرى عله يخفف عنه أوجاعه بعد أن افتقر المستشفى الحامل الأساسي الذي يكون مع كل سرير طبي، هذا عدا الرجال المصابين الذين افترشوا الأسرة البالية التي اكتست بقطع من الخشب البالي عوضا عن الفرش الأبيض، هذه المشاهد كلها تتجلى في الممر الرئيسي لاستقبال الطوارئ بمستشفى الإيمان العام بجنوب العاصمة الرياض.

"الوطن" تواجدت هناك لرصد الإهمال الذي طالبنا الكثيرون بالكتابة عنه، لم يكن الإهمال في قلة الاهتمام فقط بل كان لقلة النظافة الجانب الأهم، ففي المكان تنتشر حاويات القمامة التي تحمل الكثير من الأوساخ والأتربة التي تكشف مدى إهمالهم في تنظيفها بشكل يومي بعد أن غطتها طبقات الغبار المتراكمة والرائحة المنبعثة من دورات المياه التي تؤكد مدى إهمالهم..

"الوطن" تجولت بشكل سريع في الغرفة الأساسية الموجودة بالطوارئ فرصدنا غرفة الأشعة التي تحوي سريرا مهترئا وشراشف بالية تؤكد مدى الإهمال الواضح في المكان، التقينا حينها أم سلطان التي كانت برفقة زوجها الذي انتابته نوبة قلبية خطيرة وعلى الرغم من سوء حالته إلا أن الطبيب لم يفحصه على الفور هذا عدا إهمال الممرضات في عمل تخطيط سريع لقلبه مما اضطرها إلى المطالبة بنقله إلى مستشفى آخر وهذا ما لم يفعله المستشفى على الفور، وقالت أم سلطان إنها منذ دخولها لقسم الطوارئ مع زوجها المتعب لم تجد أي اهتمام بحالته إلا بعد قدوم أخيه لمساعدتها، ومن جانب آخر في القسم النسائي كانت نورة تبكي وجعا بعد تعرضها الواضح لعنف أسري، وقالت أم محمد التي تجاورها في السرير إن نورة قدم بها إخوانها وكانت فاقدة الوعي من الضرب الذي بدا جليا في أنحاء جسدها، واستمرار بكائها منذ أن أفاقت، إلا أن المستشفى لم يوفر لها أخصائية اجتماعية تنظر في حالتها بل اكتفت الممرضات بإعطائها حقنة مهدئة وتسليمها مرة أخرى لأهلها دون التحقق من أسباب وجودها، أما أبو عماد الذي كان برفقة ابنه الصغير والذي يعاني من ارتفاع شديد في درجة الحرارة قال إنه ما زال ينتظر أن ينظر الطبيب لحالته على الرغم من وجودهم في المكان منذ وقت طويل إلا أن إهمالهم في النظر للمرضى سبب في تأخيرهم وهي ليست المرة الأولى التي يعاني منها.

في المقابل رصدت "الوطن" تواجدا قليلا للأطباء في القسم ووجود ممرضات يجلسن في قسم ضماد النساء دون أي عمل يذكر والذي كان أشبه بالخرابة عوضا عن غرفة طبية تعتني بالمرضى من عدم نظافة المكان وتواجد أكياس القمامة في كل مكان.

عبدالله محمد الذي كان ينتظر نقل والده للعناية المركزة نظرا لخطورة حالته قال ما زلت أنتظر نقل والدي بعد أن أكد لي الطبيب احتمال وفاته.

وفي الوقت الذي تعذر حصول "الوطن" على أية تعليقات من مسؤولي المستشفى، كان وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة أقر في تصريح سابق بوجود مشكلة في أقسام الطوارئ بالمستشفيات التابعة لوزارته، ووعد بـ"حلول" ستطبق قريبا في المدن الكبيرة التي تتركز فيها المشكلة، فيما لفت إلى أن المدن الصغيرة لا تعاني من مشكلة في أقسام الطوارئ التابعة لمستشفياتها.