ما يزال الطلاب والطالبات المصابون بالسكري يعانون من عدم تفهم الأوضاع الصحية التي يمرون بها من قبل بعض المعلمين والمعلمات، وهو ما يدفع العديد منهم إلى التكتم على إصابتهم بالمرض، وعدم الإفصاح لأي أحد بالمدرسة عن حالتهم الصحية؛ خوفا من الإحراج.

تقول الطالبة "لمى العدواني"، بالمرحلة المتوسطة إنها تعاني من مرض السكري منذ سنتين، وإنها لم تفصح عن مرضها لأي من منسوبات المدرسة إلا صديقتها الوحيدة، وحينما كانت تنتابها نوبة انخفاض سكر، فإن معلمتها تؤنبها لأنها تضطر إلى أكل قطعة حلوى بينما ترى المعلمة في تصرفها انتهاكا سافرا للتعليمات، أو أنها تدعي المرض. وأشارت العدواني إلى أنها أصبحت تكره المدرسة والمعلمة، لكثرة الضغوط التي تواجهها من قبل المعلمات، خاصة حينما تطلب الذهاب إلى "دورة المياه" مما جعلها تفكر جديا في التحويل للانتساب.

وبينت الطالبة إبتسام المالكي، أنها تعاني من السكري منذ أمد بعيد ولدى المدرسة ملف صحي بذلك، ولكنها تضطر إلى إعادة فتح الملف لكل معلمة لا تعي ولا تفقه بمرض السكري، مشيرة إلى أنها تعاني من بعض المعلمات اللاتي يتهمنها بأنها تدعي المرض، وأن من يدعي المرض سوف يموت. وقالت: إنها قد أحضرت والدتها لتشرح لمديرة المدرسة وللمرشدة أنها لا تستطيع أن تمكث لفترات طويلة دون الذهاب "لدورة المياه" ولا بدّ أن تأكل أي قطعة حلوى في الفصل وفي حضور المعلمة، مشيرة إلى أنها واجهت صعوبات عدة حتى تتفهم المعلمات ذلك.

وقالت المرشدة الطلابية "أم فيصل"، بإحدى المدارس الثانوية أن بعض الطالبات يقمن باستغلال المعلمات والكادر التربوي بالمدرسة من ناحية المرض، فاختلطت الأوراق لدى المعلمات، وتناقصت الثقة بالطالبات، في ظل وجود بعض المدعيات للمرض. مضيفة أن إدارة المدرسة تطالب ولية أمر كل طالبة أن تحضر لها تقريرا خاصا بالحالة المرضية للطالبة، ولكن لا نجد أحيانا تجاوبا من قبل أولياء الأمور.

وبينت أن كثيرا من الطالبات وأمهاتهن يحاولن جاهدات أحيانا إخفاء حقيقة المرض، إلا لمن يهمها أمر الطالبة فقط، ولا يحببن أن يشرن لذلك حتى لا يتعرضن للسخرية والاستهزاء سواء من الطالبات أو المعلمات. وقالت: متى ما عرفت المدرسة والمعلمات أن الطالبة مريضة بالسكري تتم مراعاتها وفق ضوابط معينة، معترفة بأنه قد يكون هناك تجاوز ضد الطالبات المريضات من قبل بعض المعلمات ومديرات المدارس بهذا الخصوص.

وعلق منسق برنامج وزارة الصحة بمنطقة المدينة المنورة وأخصائي التغذية والتثقيف السكري بمركز الأمير عبدالعزيز بن ماجد للعناية بمرضى السكري عبدالودود محمد الشنقيطي، على ذلك بقوله: إنه يجب على كل مدرسة توفير عيادة طبية تضم طبيباً أو ممرضاً أو شخصا ذا اهتمام وإلمام طبي. وأضاف أنه ينبغي على معلم الفصل الإلمام بفكرة ولو مبسطة عن مرض السكري وعلامات انخفاض وارتفاع السكر وكيفية التصرف في الحالتين.

وقال: إن هناك قواعد معينة لا بد من تطبيقها في كل مدرسة بها طلاب وطالبات مرضى بالسكري، حيث ينبغي على الوالدين مقابلة طبيب المدرسة أو ممرض العيادة المدرسية، وفي حالة عدم وجودهما يجب مقابلة المرشد الطلابي أو رائد الفصل، وإعطاؤه فكرة عن مرض السكري والنظام الدوائي والغذائي الموصوف من قبل الطبيب للطالب أو الطالبة، وتوفير كمية من العلاج كإبر الأنسولين أو الإبر التي تؤخذ أثناء انخفاض السكر كإبرة الجلوكاجون أو الحبوب المحتوية على السكر والتي تؤخذ أيضا أثناء انخفاض السكر، مع شرح الوالدين لرائد الفصل أو المرشد كيفية ووقت استخدامها، وأيضاً توفير طريقة عمل اتصال هاتفي مباشر للوالدين، والسماح للطالب أو الطالبة المصابين بالمرض بأخذ الوقت الكافي لتناول الطعام، وإلا سيؤثر ذلك سلباً على مستوى السكر في الدم، كما يجب أيضاً السماح للطالب المصاب بالذهاب إلى "دورة المياه" عند إحساسه بالحاجة إلى ذلك في أي وقت وأي زمان وحتى أثناء الحصص الدراسية، والسماح له بعمل تحليل السكر في أي وقت يشعر فيه الطفل بأنه بحاجة لذلك، وإعطاء مريض السكري مرونة في مواعيد حضور المدرسة أو الخروج منها أو حتى الغياب وذلك في وجود مبرر طبي لذلك، أما بالنسبة للتمرين الرياضي فقد يكون له انعكاس سلبي على طفل السكري، لذلك يجب أن يسمح للطفل المصاب بتناول وجبة خفيفة قبل التمرين أو أثناءه، وعمل تحليل السكر قبل وأثناء وبعد التمرين الرياضي إذا لزم الأمر، وتوفير مكان مناسب في المدرسة ذي خصوصية إذا أراد الطفل عمل تحليل السكر أو أخذ الأنسولين فيه، حيث إن بعض الأطفال وخاصة الفتيات المراهقات قد يشعرن بنوع من الإحراج عند أخذ الأنسولين، مضيفا أن وجود الأخصائي النفسي أمر مهم للغاية في مساعدة الطفل المصاب في التغلب على المصاعب النفسية التي قد يواجهها".

وأشار إلى أنه ينبغي على الإدارة المدرسية التأكد من توفر الخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية التي يحتاجها التلميذ، وخاصة توفر الوجبات الغذائية الصحية المناسبة، فكثير من المقاصف المدرسية تحوي وجبات غذائية رديئة وغير صحية ومليئة بالصبغات والملونات والمثبتات. وبين أنه لا بد من تضافر الجهود للحد من الانعكاسات السلبية لمرض السكري على الطلاب والطالبات، خاصة مرضى النوع الأول والمعتمد على الأنسولين، حيث إنهم ملزمون بنظام علاجي وغذائي محكم، قد يعيق الطالب أو الطالبة من تحقيق التحصيل العلمي المطلوب. مؤكداً على أهمية عقد لقاءات مع الفريق المدرسي المشرف على هولاء الطلاب والطالبات المصابين، وتوعيته بكل ما يمكن فعله وما يتوقع حدوثه للمصابين في أسوأ الأحوال، مع وصف دقيق لما يجب عمله عند انخفاض السكر وارتفاعه، وعند حدوث التشنج أو الغيبوبة المصاحبة لنقص السكر.