خطوة بخطوة، ومن مكان إلى آخر، منذ بداية الأزمة، رافق مراسلو تلفزيون "الآن" السوريين في رحلة هروبهم من مدنهم وقراهم، إلى الملاجئ والمخيمات ما بعد الحدود التركية والأردنية واللبنانية، عبر تقديم تقارير خاصة حولت المشاهد السياسية من أخبار عاجلة، إلى واقع يمشي فوقه مئات الآلاف من اللاجئين، آخرها كان التقرير الذي قدمه مراسل التلفزيون بالقرب من الحدود التركية، عن محنة هجرة أهالي جبل الأكراد لقراهم وبيوتهم، بعد قصف عنيف تعرضوا له منذ أشهر لم يتوقف حتى بعد تركهم ممتلكاتهم وديارهم.
المراسل تحدث في تقريره عن لجوء أهالي قرى جبل الأكراد، الواقع بريف اللاذقية، وتوجههم نحو الحدود التركية، مع أطفالهم، ليستقر الأمر ببعض تلك الأسر عند معبر بيسون الحدودي، وليبني هؤلاء أكواخا من أغصان الأشجار أقاموها في العراء، التي لم تقهم حر الصيف، ولن تقيهم برد الشتاء الذي باتت رياحه تدق الأبواب معلنة بداية موسم تصل درجة حرارته إلى ما دون الصفر.
بحرقة ظاهرة للعيان، صور المراسل طفلا يلعب بقطعة قمامة، التقطها من الأرض، غير مدرك للواقع المرير الذي يعيشه أهله وأمثاله من اللاجئين النازحين عن جبل الأكراد.
مئات النازحين من تلك القرى، كونوا بتجمعهم قرى أخرى، لا يعرف قاطنوها متى موعد الرحيل الآخر، وما إن كانت تلك الأكواخ التي بنوها ستتحول إلى بيوت من صفيح، ومن ثم جدران إسمنتية، كتلك التي بدأت مع هجرة الفلسطينيين من ديارهم، ليتحولوا بعدها إلى لاجئين دائمين في دول اللجوء والشتات.
أوضاع لا إنسانية "هي أقل ما يمكن أن يقال" تلك التي يعيشها هؤلاء، حيث يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، إلا من بعض ما تقدمه هيئة الشام الإغاثية التي تقدم معونات لا تعادل وجبة واحدة طوال اليوم.
أحد اللاجئين قال "كيف سنعيش؟ هذا ذل و قهر، نعيش على التراب، لنا 35 يوما نعاني من البرد وقلة التغذية". يشار إلى أن اللاجئين موجودون تحت حماية كتيبة صلاح الدين، التي أعلنت مسبقا سيطرتها على المعبر والمنطقة المحاذية.
ومن جهته أكد قائد تلك الكتيبة لمراسل "الآن" أن هؤلاء في حماية الكتيبة، وأنهم يتقاسمون معهم المياه الشحيحة، والطعام الذي لا يزيد عن "حبة بندورة"، قطعة مربى، قطعة جبن، ورغيف خبز عليهم أن يقتاتوا منه طوال اليوم.
مراسل التلفزيون ألمح إلى أن الناس باتت فكرة العودة إلى قراهم تراودهم، فالموت تحت قصف النظام، أرحم من الموت في العراء جوعا وعطشا وبردا.