ليس عيبا أن يعمل السعودي "سباكا" أو "كهربائيا" أو "ميكانيكيا" في ورشة.. ولم يعد بيننا من يستعيب البحث عن "الرزق" في أي مكان وبأي عمل شريف، وليس بيننا من يجهل أن نبينا الشريف محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم كان راعيا للغنم، ثم اصطفاه الله عز وجل قائدا للأمة ومرشدا للبشرية.

قبل 14 يوما لم أجد من يصلح سيارتي من علة أعيتها إلا ميكانيكيا سعوديا وسط ورشة في بريدة ازدحمت بها السيارات من أجل الشاب السعودي "أبو ماجد".. كان كل من يأتي للورشة يسأل عنه ويستجديه النظر لسيارته، كان الزبائن يتركون "الوافد" وراء ظهورهم ويبحثون عن "أبو ماجد" تحت السيارات، ليس حبا في "السعودي" وليس كرها لـ"الوافد"، بل بحثا عن "متقن" لعمله "صادق" و"أمين" في تعاملاته.

بالمختصر: المخلص المحب لعمله سينجح أيا كان عمله وسيكسب المال والسمعة في أي صنعة.

ليس العيب في العمل أيا كان ومهما كان مسماه.. لكن العيب أن تظل وزارة الخدمة المدنية حتى الآن لا تراعي حاجة البلد من الوظائف ولا التخصصات المتوفرة، فلا تزال بعض مسميات التوظيف معيبة لمن يتعين عليها فلا يؤديها على أرض الواقع، والعيب أن تبقى بعض مؤسسات الدولة تتعامل مع ذلك على أنه نظام لا يمكن تجاوزه ولا تفكر بالتفاهم مع الخدمة المدنية بما تريده من وظائف وما فيه فائدتها ومصلحتها.

بينما لدينا نصف مليون سيدة جامعية عاطلة.. إحدى البلديات أعلنت عن وظيفة "عاملة نظافة"، ثم غيرتها فيما بعد بمسمى "ملاحظة خدمات"!

وبينما لدينا آلاف الشباب العاطلين بمؤهلات جامعية وماجستير توظف جامعة الحدود الشمالية شباب على وظائف "سباك" و"كهربائي سيارات" و"مساح" و"مصور تلفزيوني" بجوار وظائف من نوع "سكرتير، كاتب، باحث، مساعد باحث، مسجل طلبة"، وكلهم في النهاية لا يعملون بمسمى الوظيفة.

(بين قوسين)

العيب أن تستقبل "جامعة" ملفات 10 آلاف متنافس على 114 وظيفة ولا يعني ذلك لها شيئا، إلا إخلاء مسؤوليتها على الورق، ولا يوسع ذلك مداركها لحاجة الناس.. ثم نجد من يقول "الجامعة" جزء من المجتمع وتعمل لـ"المجتمع"!