لست أتابع كثيرا المصطلحات الغريبة التي تنتشر بين وقت وآخر في أوساط المجتمع، وأتذكر المرة الأولى التي طرحت فيها سؤالا استفهاميا تعجبيا عن من هم "الدرباوية"، وماذا يعني هذا الشيء المتداول؟! وكيف أن موجة من الضحك البريء الاستنكاري سادت في المكان مع نظرات تعجبية وسؤال ساخر: "ماذا تعرفين عن "الدرباوية"؟ قلت : لا أعرف عنها شيئا. نعم، أقسم إني لست أعرف. وزاد فضولي أكثر أن أعرف من هم هؤلاء القوم "الدرباوية". وحتى أنتقم من السؤال المتهكم ألهمت سؤالا من نفس النوع. وماذا تعرفون عن "النتشوييين"؟ نسبة لنيتشه وبعد هذه المواجهة وبعد تعرفي إلى هؤلاء القوم "الدرباوية" أصبح لدي تصور كامل عن هذه الأنواع البشرية التي تقيم بيننا، وعليه وجدت أن هؤلاء "الدرباوية" ليسوا حكرا على من نصفهم نسبة لطقوسهم البسيطة وبعد أن أدخل بعض الأصدقاء المرتزقة سامحهم الله مصطلح "الدرباوية" إلى قائمة مصطلحاتي، لم يعد بإمكاني ألا أجد لهم وجوها عديدة من حولي، إذ "الدرباوية" ليسوا مجرد أشخاص بسطاء يقومون بسلوكيات بسيطة، بل قد يكونون أشخاصا يحملون أفكاراً مشوشة وسطحية توسع من دائرة التخلف والجهل وأن "الدرباوية" تكمن في عقول الكثير من حولنا وليست قصرا على فئة بعينها بل هي فكر وسلوك يتبعه جماعة ما ويؤمنون به ويدافعون عنه ويصرحون به.

اتضح كذلك أن "الدرباوية" ليست قصرا على الرجل دون المرأة، فقد أصبحت أرى الكثير من "الدرباويات" في كل مكان، فالدرباويات من النساء موجودات حولنا بكامل طقوسهن ومنهن أكاديميات ومتعلمات وهن من فئة "الدرباويات" السوبر. إنهن من "الدرباويات" النساء اللواتي يظهرن على المنابر ويجاهرن بـ"الدرباوية" المعاصرة في أقبح وجوهها. فهذه "درباوية" تصرح بأن المرأة لا ينبغي لزوجها علاجها إن مرضت، فهي بحكم المؤجر من المستأجر وعليها إصلاح نفسها على نفقتها. و"درباوية" أخرى كارثية أيضا تصرح بأن علاقة النساء بالرجال عبر شبكات التواصل الاجتماعي، توقع في "الزنا المجازي"، وأخرى تطالب النساء في أحد تصريحاتها "الدرباوية" بعدم السير بجانب أبنائهن في الأماكن العامة والأسواق؛ لأن ذلك سبب للمقارنة بينها وبين ابنها الوسيم، وذلك مدعاة للفتنة!.. لقد توسعت دائرة "الدرباوية" فعلياً وأصبحت تحمل وجوها مختلفة في كل مكان، ولكن أشدهم خطرا هم من عرفوا الطريق إلى المنابر الاجتماعية بحيث يقولون ما "يتدربا" في فكرهم دون أدنى شعور بالمسؤولية الإنسانية والاجتماعية. ولهذا فإن من يبث أي فكر يهز أجمل وأنبل المعاني الإنسانية لدينا لهو فكر "درباوي" مرفوض.