هناك خلل في فهم الساسة الإيرانيين لمعنى الإعلام وأهميته وتأثيره، كأنهم يعتقدون أنه قادر على خلق الصور والانطباعات لأوهام لا أصل لها على أرض الواقع، وزيارة الرئيس نجاد الأخيرة إلى مصر تقع كلها في هذا الإطار؛ فالرئيس يريد أن يوهم العالم بصورة وردية لعلاقة إيرانية مصرية دافئة رسميا وشعبيا، وهو يعلم أن هذا غير حقيقي، وأن زيارته بمـجملها كانت زيارة فاشلة.
في المؤتمر الصحفي الذي جمع السيد نجاد مع كبير مستشاري شيخ الأزهر الشيخ حسن الشافعي أصر الشيخ على ذكر جوانب الخلاف بين الطرفين إلى جانب عنـاصر الاتـفاق وأشار بالتـحديد إلى (ما يتعرض له المسلمون من أهل السنة في الأهواز)، وعد هذا من معوقات تطوّر العلاقات المصرية الإيرانية، بينما أراد السيد نجـاد أن يـظهر وكأن الطرفين متفقان تماما، لذلك أدت علنية تصريح الشيخ إلى امتعاض الرئيس ومرافقيه، وقالوا له أمام "المايكروفونات والكـاميرات": "لم نتـفق على هذا يا حاج"، وهذا له دلالاته السيـاسية المهمة بالنسبة إلى الخـطاب الإعلامي الإيراني في هذه المرحلة، فأولا: قد أفسد الشيـخ حسـن حـفلة إظهار تقارب غير حقيقي بين مصر وإيران، لـيس على المستوى الرسمي فقط، ولكن على مستـوى مؤسسات المجـتمع المـدني والديني، وهذا مهم لإيران في صـراعاتها الدولية والإقليمية، فحين تقول إيـران إن "مصر" ممثلة في أكبر رموزها الدينية "الأزهر" تتفق مع سياساتي، أو على الأقل هي على الحياد، فلاشك أن هذا يعـني الكـثير، والأمر الثاني؛ أن هذا الحدث جاء وسط تساؤل كبير يطرح في الفترة الأخـيرة عنوانه: (علاقة الإخوان مع إيران)!