كشفت مصادر عليا لـ"الوطن" أن وزراء المالية والبترول في دول الخليج سيبحثون في الرياض خلال الأيام القليلة المقبلة ملف توحيد أسعار المشتقات البترولية للاستهلاك المحلي والخليجي، وتشمل قائمة توحيد الأسعار منتجات البنزين والزيت والديزل والغاز.

ولفتت المصادر إلى أن المواقف الرسمية حيال الموافقة على مشروع توحيد الأسعار من عدمها لم تتضح حتى الآن، مشيرة إلى أن الأمانة العامة للمجلس أعدت مذكرة لدراسة إمكانية توحيد الأسعار للمشتقات البترولية في دول المجلس التعاون لمناقشتها بتوسع في الاجتماع.

وعن الدول التي تؤيد توحيد الأسعار رفضت المصادر الإفصاح عنها لكنها أضاف أن هناك ثلاث دول على الأقل ترغب في توحيد الأسعار. ولفتت إلى أن المناقشة تأتي ضمن إطار الاجتماع الواحد والثلاثين للجنة التعاون البترولي لدول مجلس التعاون الخليجي، مبينة أن الاجتماع سيبحث مذكرة أخرى تخص مشروع اللائحة التنفيذية الموحدة للنظام الخليجي للتعدين في دول المجلس، بالإضافة إلى آليات تنفيذ سياسات وأهداف الاستراتيجية البترولية لدول مجلس التعاون، ومذكرة الأمانة العامة حول آليات تنفيذ سياسة وأهداف استراتيجية الإعلام البترولي لدول المجلس. كما سيبحث تقرير رئيس مجموعة العمل بدول مجلس التعاون المكلفة بدراسة ومتابعة تطورات اجتماعات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ وبروتوكول كيوتو، ومذكرة الأمانة العامة حول اجتماعات فريق مجلس التعاون لشؤون الطاقة في منظمة التجارة العالمية واتفاقية التجارة الحرة.

من جهته قال أستاذ اقتصاديات الطاقة، رئيس الجمعية السعودية لاقتصاديات الطاقة الدكتور محمد السلاوي في تصريح إلى "الوطن" إن توحيد السياسات الاقتصادية في دول مجلس التعاون من حيث المبدأ هدف يجب تحقيقه، مضيفاً أن ذلك لا يجب أن يتم دون النظر إلى الاختلافات الهيكلية والاجتماعية والمحددات الاقتصادية بين دول المجلس، خاصة فيما يتعلق بأسواق الطاقة والمنتجات البترولية. وأكد أن من المبكر مناقشة توحيد أسعار المشتقات البترولية، خاصة إذا ما علمنا أن الاستهلاك الخليجي يرتفع بوتيرة متسارعة، مشدداً على ضرورة انتهاج سياسات واضحة تهدف إلى الترشيد في الاستهلاك حيث يستوجب ذلك دوراً أكبر لاتخاذ خطوات تسهم في خفض الاستهلاك لا تغيير الأسعار. وأبان أن تغيير الأسعار أو رفعها لن يؤدي إلى خفض الاستهلاك كما يتوقع البعض بل سيؤدي إلى اختلالات جديدة في القطاعات الاقتصادية الأخرى في حال ارتفاع الاسعار، معتبراً رفع الأسعار لخفض الاستهلاك خطوة تقليدية لن تجدي لاقتصاد ينمو في كافة قطاعاته مثل المملكة. وأوضح أن التوسع في إيجاد البدائل العاجلة في وسائل النقل بالإضافة على بدائل الطاقة سيسهم في خفض الاستهلاك سواءً في المملكة أو دول الخليج.

بدوره قال الخبير النفطي مازن السديري في تصريح إلى "الوطن" إن المعدلات العالية لاستهلاك النفط في المملكة تتطلب تدخلا لمعالجة هدر الطاقة سواءً في المملكة أو في دول الخليج، وذكر أن بحث دول الخليج لتوحيد أسعار المشتقات البترولية سيضع مسؤولي النفط أما خيارين، إما تخفيض الأسعار في بقية دول الخليج أو رفعها في المملكة لتواكب الأسعار ضمن المعدلات العالمية. وأكد أن أسعار الوقود في المملكة أقل من المتوسطات العالمية بنحو 80%، مبينا أن أسعار المشتقات البترولية في الإمارات على سبيل المثال تعادل ثلاثة أضعاف أسعارها في المملكة، فيما تصل الأسعار في قطر إلى نحو ضعفين. وأشار إلى أن آخر الإحصائيات الرسمية في استهلاك الطاقة تشير إلى المملكة تستهلك 2.7 مليون برميل يومياً بالإضافة إلى تنامي الزيادة في الاستهلاك بنحو 8% ، فيما تستهلك دولة مثل فرنسا نحو 1.1 مليون برميل رغم أنها دولة متقدمة، بالإضافة إلى استهلاك ألمانيا التي تعد ثالث قوة صناعية في العالم بنحو 2.5 مليون برميل يومياً وتستهلك البرازيل نحو 2.1 مليون برميل يومياً.

وأوضح السديري أن انخفاض أسعار مشتقات النفط في المملكة ساهم إلى حد كبير في عمليات تهريب الوقود إلى دول الجوار والمشتقات الأخرى. وأكد أن نحو مليوني برميل تستهلك في النقل والمواصلات محلياً فيما يستحوذ إنتاج الكهرباء على 700 ألف برميل. وأفاد أن وضع المشتقات النفطية سيتفاقم في حال تطوير إنتاج الكهرباء من 43 قيقا وات العام الحالي إلى 120 قيقا وات بحلول 2036 حيث سيعتمد نصف إنتاج الكهرباء على المشتقات النفطية غير القابلة للتكرير.

وفيما يخص وضع تدابير أخرى بعيداً عن الأسعار المدعوة أشار إلى أن الحلول الأخرى تكمن في تطوير قطاعات النقل بعيداً عن الشاحنات والسيارات التي تؤدي إلى الهدر الحالي بالإضافة إلى ترشيد الاستهلاك بصورة تؤدي إلى نتائج ملموسة على المدى المنظور والبعيد والتوسع في مشاريع الطاقات البديلة النووية والشمسية.