أن تكون مبدعا في "سينما الوثائقيات" فذلك أمر يحتاج جهدا كبيرا وشغفا متواصلا، ولكن أن ترتقي بمنتوجك "الوثائقي" لينافس الأفلام التقليدية في صالات السينما وعروض التلفزيون، فتلك مهمة ليست صعبة فقط، بل مستحيلة أيضا.

الوحيد الذي استطاع الوصول بوثائقياته إلى الجمهور البسيط، هو المخرج والناشط السياسي الأمريكي "مايكل مور"، والذي ما إن ينتج فيلما جديدا حتى يتحول إلى حديث المجتمع، ويذهب الأفراد لدفع الأموال لمشاهدة فيلم وثائقي طويل! غير أن اختياره لمواضيع أفلامه تتسم بالجرأة ومعارضة النظام السياسي، وسيطرة الشركات الكبرى، والأهم من ذلك التزامه الأخلاقي تجاه مواضعيه بشكل يثير الإعجاب.

المهم.. في فيلم "سايكو" Sicko والذي يفضح تدهور نظام الرعاية الصحي الأميركي، وصعوبة الحصول على الخدمات الصحية لنسبة واسعة من المواطنين الأميركان.. كل هذا معقول ضمن إطار رؤيته النقدية الجرئية، والحديث الصريح عن سيطرة المؤسسات المالية، وفحش شركات التأمين الطبي، لكن "مايكل" تجاوز كل هذا وقدم شيكا قيمته 12 ألف دولار دون أن يفصح عن اسمه، للمدون Jim Kenefick صاحب المدونة الشهيرة والمتخصصة في نقد "مايكل مور" نفسه، وخصوصا نقده لخلل منظومة التأمين الصحي في أميركا، ذلك أن صاحب المدونة كان قد اشتكى أنه سوف يقفل مدونته لأنه لا يستطيع الإنفاق عليها، نظرا لأنه يحتاج المال لمعالجة زوجته والتي رفضت شركة التأمين الطبي تغطية علاجها! "مايكل" برر تبرعه لمعارضه الشرس، أنه لا يريد أن يتوقف الصوت المخالف له، وأن هذه المعارضة هي ما يحفزه لمزيد من البحث والإبداع!..

لقد أتعبت من بعدك يا "مايكل".