تلفتوا حولكم، وتأملوا "من هم الهوامير؟!"، لن تخرجوا عن فئتين: رجال الأعمال، ومديرو الإدارات الخدمية.

والفئة الأولى لا تحتاج إلى تأمل، فهي تملك الأدلة الكافية على مصادر أموالها، أما الفئة الثانية، ففيها الخصام، وهي "مربط الفرس".

مدير بلدية، نقل، زراعة، مياه،..إلخ، يبدأ موظفا بمرتب لا يتجاوز الـ6 آلاف ريال، وينتهي بعد عدة سنوات، وعدة مراتب، إلى مليونير يتنقل بين سواحل "نيس"، ومرتفعات "بادن فورتمبيرغ"، ويسكن أفخم القصور، فيما تتهاوى المشاريع التي وقع على استلامها كاشفة عن فساد يشير بإصبع الحقيقة إلى ثروته وأرصدته البنكية.

وبما أن سؤال: "من أين لك هذا" لم يخطر بعد على بال "هيئة مكافحة الفساد"، فليستثمر كل مدير إدارة منصبة، و"يزرف" بيديه ورجليه، وأنت يا عزيزي المواطن المتحمس "حط بالخرج"، ودع عنك عناء نشر الصور ومقاطع الفيديو، في "تويتر" وغيره، ومحاولاتك المستميته لإبراز الأدلة على الفساد.

قبل عدة أشهر، تمكنت وزارة الخزانة الأميركية من عقد اتفاقات مع سويسرا واليابان وبلدان أخرى، تخولها حق مراقبة حسابات مواطنيها في البنوك الأجنبية، لكشف الغش الضريبي، وملاحقة من يكبدون أميركا نحو 100 مليار دولار سنويا، فيما لم نبادر إلى مراقبة البنوك المحلية لكشف تنامي حسابات من تدور حولهم الشبهة، ومن كبدوا ويكبدوا بلادنا خسائر بمئات المليارات في بنًى تحتية متهالكة، ومشاريع لا تصمد أمام قطرات المطر.

لن أتحدث عن مدينة بعينها، فكل المدن متشابهة بحجم الفساد الذي يظهر بحسب كمية الأمطار، تلك المنحة الإلهية التي تأتينا كل عام لتروي الأرض، وتكشف المفسدين، وحقيقة حراك محاربتهم.. بل سأواصل التأمل في وجوه من استمرؤوا إنهاك الوطن، واستطابوا أكل الحرام.. وأبتسم بيأس و"أحط بالخرج" أيضا.