كشف الإعلام الجديد بجميع وسائطه عن أن فينا مصابين بالنزعة إلى تشويه الآخرين، واختلاق السقطات التي لا وجود لها، وترويج الإشاعات عن المشهورين جدا، أو المعروفين في أوساط معينة، مما يدل على خلل أخلاقي كبير، حتى باتت الفضائحيات الإعلامية من المباحات عند بعض الفئات، خاصة إذا كانت مرتبطة بتشويه الخصوم، أو الذين يختلفون مع فاعلها في رأي أو ميول، بل وتشويه من يشعر البعض أمامهم بعقدة نقص مزمنة.
أقول هذا بعد انتشار صورة اللاعب الدولي فهد الهريفي مع زوجته في أحد مطاعم الرياض، وهي صور تتصف في ذاتها، وفي فعل مصورها بعدة أمور: أولها، التلصص أو التجسس؛ لأن المصور كان يلتقطها من زاوية خفية. وثانيها، سوء الظن؛ لأنها نشرت تحت عنوان: "فضيحة فهد الهريفي مع بنت في الرياض". وثالثها، الحرص على التشويه، ودليله أن ناشرها وضع "الفضيحة" عنوانا لها، قبل أن تنجلي الحقيقة، ويثبت ـ بعد اتصال "العربية" بالهريفي ـ أنه كان مع زوجته في مكان عام، وذلك فعل يمارسه جل السعوديين أو البشر الأسوياء الذين يخرجون مع زوجاتهم وأسرهم، ويتحركون كما يتحرك الطيبون، فأين الخطأ؟
في الوقت نفسه انتشرت على "يوتيوب" ـ خلال الأيام الماضية ـ تسجيلات مفبركة وغير مفبركة لاتصالات هاتفية مختلفة، يهدف منها ناشروها إلى الإساءة، والإساءة فقط!.
الأسوأ من هذا كله هو ردود فعل فريقين: أحدهما؛ المتعصبون الرياضيون، ولذا كانت الحادثة مجالا رحبا للتشفي والشماتة والسخرية والتشويه، ولا شيء يلغي العقل والأخلاق كالتعصب. والآخر، قلة من المتطرفين الذين رأوا في فعل الهريفي خروجا على الدين، متناسين أن الخروج الحقيقي الذي لا خلاف فيه أو حوله هو ما فعله الذي صوره وتجسس عليه وحاول التشهير به مستخدما وسائط الاتصال الحديثة.
للحق، مشكلاتنا مركبة، واستخدامنا للتقنية مشوب بشوائب كثيرة، ليبقى سؤال التغيير ثقافيا وثقافيا وثقافيا.. فهل من مجيب؟.