اتصل بي كثير من الأصدقاء والمعارف فور قراءتهم لمقالي الماضي (الكلام في الفساد.. فساد في الكلام) وأفواههم محتشدة بالأسئلة من مثل:

- هل كنت حقيقة محموما وهل هجست أثناء النوم بما قلت فقمت بكتابته بعد الاستيقاظ؟!!

- وصديق آخر يسألني مستنكراً: حرام عليك أثرك "تعطيها" وحنا ما ندري؟!!

- أما صديقي الشمالي فعلق برسالة تواصلية هكذا: تصدق أحسب اللي كاتب المقال الشيحي أو الرطيان لولا أني شايف اسمك إلى جانب طختك (يقصد الصورة) ثم أردف: ترى أقصد أن الشيحي والرطيان وفواز عزيز هم اللي يكتبون دايما عن الشمال باعتبارهم من منسوبي هذه المنطقة (وما علم الشمالي أني من منسوبي كل المناطق!!) ثم ختم رسالته النصية بـ عشت يا عصابة راسي.

- بينما كلمني صديق آخر معبراً عن قلقه وخشيته من تضرري أو إيقافي برسم رؤيته لسقف الحرية وحق التعبير وزاد مازحاً أن ما كتبته حش لكن بصيغة التحشيش!!

قلت له: لا بأس يا سيد الغنادير لا بأس... ترى الخطا مدموح بين المحبين وبالمقابل فقد ضحكت من رسالة أحد المعارف وهو يقول: أبو عبدالله مقالك غامض وفيه لخبطة.. تبغى الصراحة لم أفهم المقال ولا أدري ماذا تريد؟! وقد رددت عليه: أخي الحبيب لست وحدك الذي لم يفهم حتى أنا لدي "فساد" في سرعة الفهم و"تطفيف" في إدراك أسباب وحقيقة ما يحدث من تجاوزات كما لا أفهم سبب أن البعض يريد أن يسرق الجمل بما حمل مع أنه كان عليه أن يكتفي بالجمل أو يكتفي بما حمل وذلك أضعف حقوق المواطنة. لا أدري لماذا تتعثر المشاريع ويتأخر تنفيذها ويتضح عوارها ورداءة تنفيذها مع أول قطرة مطر وما زلت أستغرب من غياب روح المواطنة والأمانة وموت الضمير وهجعة الحس الديني والإنساني لدى كثير من المقاولين وبعض المسؤولين الذين إن شط منهم شطط فنكتفي بإزاحتهم عن المنصب وما نعلم أننا نسهم في إراحتهم بهذه الطريقة ليذهبوا بما نهبوا، لقد صرنا نتوفر على بعض المواطنين السُراق النُهّاب من فئة من لا يبقي ولا يذر أو كما يقال "يسرق الكحل من العين" وهذا تعبير مجازي ممعن في الإشادة بمهارتهم أن يصلوا إلى سرقة الكحل المسحوق من هذه المنطقة الحساسة جداً وبالفعل فقد صار المقاول أو المسؤول المكلف يخطف لقمة أخيه المواطن في وضح النهار وفي عز القايلة ولا يخشى عقابا أو عتابا ولم يبق لنا إلا أن نتوسل لكل مقاول أو مسؤول بأن يأخذ ما بدا له وأن يختلس ويسرق ولكن سنشكره ونحمد له أن يبقي للوطن شيئاً من التركة وأن يعمل بأقل درجات الضمير الإنساني في تنفيذ المشروع على النحو الذي لا يجعل مشروعه يقع على رؤوس الناس وليذهب بالذهب و نسأله ألا يميل كل المال عفوا أقصد كل الميل عند التنفيذ وليأخذ في الآخر كل المال ويترك لنا خير المآل.

ننتظر من المسؤول أن يترك لنفسه ذكرى حسنة في ذاكرتنا وهو يتلمظ بعد الإقالة في إحدى شققه القابعة في سهوب سويسرا أو في "ماي فير" لندن أو أبراج دبي أو في أي من المنتجعات التي يغشاها كل حين.

بقي أن أذكر أطرف تعليق وصلني من صديق لي ما بيجمعش مثل يونس شلبي. فقد قال لي: يا إدريس أنت كاتب ممتاز (شكراً له) ويا ليتك تكتب سيناريو أحد الأفلام وأقوم أنا بدور البطولة أمام ممثلتي المفضلة.

قلت له : من هي هذه المفضلة خلنا نشوف ذوقك؟

قال لي: الممثلة نجلاء فؤاد حسني ما يبغي لها كلام.

كان صديقي كالعادة عند حسن ظني بلخبطته المعتادة لما جمع فأوعى ثلاث فنانات في جملة واحده نجوى فؤاد.. ونجلاء فتحي.. وسعاد حسني!!

وصديقي هذا لا يختلف عن بعض المسؤولين وبعض المقاولين الذين يجمعون ويخلطون وهم من المصابين بشراهة المنصب ومطاردون بهاجس الفترة المعدودة والمدة المحدودة فيتداخل عندهم الأمر بين ما يستحق أن يؤخذ وما يليق به أن يهمل. ولهذا كل حكايتهم تجدها مجموعة في قولهم: نجلاء فؤاد حسني!!