في مشهد لا يعرفه إلا زوار سوق حجاب الشعبي الذي يقع في شرق العاصمة الرياض وتلتقي فيه أغلب كبيرات السن اللاتي يعرضن ما يردن بيعه أو حتى ما يحتجن شراءه، بدءا بالملابس والمأكولات وليس انتهاء بالأدوية الشعبية من زيوت وعسل وغيرها، فيما تجمعهن دلة القهوة والشاي وعلب التمرات والإقط.

أم فارس البقمي السيدة التي أخذ الزمن مأخذه منها وهي تنتظر بشغف من يشتري منها "الإقط" الذي تصنعه بنفسها، حكت لـ"الوطن" كيف أنها تجتمع ورفيقات دربها يوميا منذ سنوات في هذا المكان، وكيف شاركتها تلك الصديقات المواقف قبل أن يستقر بهن الحال على ما هن عليه في جلستهن التي تجمعهن دلة القهوة والشاي وعلبة صغيرة احتوت على بعض التمرات والإقط فشاطرتنا ظروفها بصوتها الذي يحمل الكثير من الثقة وهي تعيد مرارا "خذي القول مني الحياة تحتاج إلى الكفاح" وكيف أصبح البيع هنا جزءا منها.

وتضيف أم فارس أنها تأخذ ما يصرفه لها الضمان الاجتماعي ولكنها تحتاج أن تبيع لتجاري غلاء الحياة في الوقت الحالي وتجمع ما يتيسر لها لتوافقها بالرأي رفيقتها أم فهد المطيري التي كانت عكسها تماما ففي صوتها سكون وفي ملامح عينيها هدوء لتقول "أنا هنا منذ سنتين تقريبا وكل ما نريده أن نبقى هنا دون دفع أي إيجار للبسطة رغم تأكيدها بأنها لم تتعرض إلى أي مضايقات من أي جهة لكنها تخاف الأيام المقبلة وما تحمله من مفاجآت"، مشيرة إلى أنها ترعى أبناءها وحيدة بعد وفاة والدهم وهي تعيش على راتبه التقاعدي ولا يصرف لها من الضمان نظرا لعدم مراجعتها له لظروفها.

الشمس الحارقة أجبرت أم محمد لتغادر بسطتها بسبب ارتفاع في درجة حرارتها، وفي المقابل وأمام بوابة 5 تظهر أم فهد التي تعرض أكلاتها الشعبية من "ورق عنب - ملفوف - جريش - مرقوق" وغيرها من المأكولات التي كانت تبيعها في نفس البسطة أو تأخذ الطلبات من زائراتها لطبخها وتوصيلها لهن وقد استعانت بسيدة غير سعودية لأخذ الطلبات وتنسيقها وبيعها للجميع.

وتقول أم فهد إنها تتلقى الكثير من الطلبات للمناسبات وعن منافستها بحكم وجود الكثيرات من الطباخات حولها، مشيرة إلى أن جودة وطعم الأكل هما اللذان يفرضان نفسيهما، فيما تقوم أم علاء هي الأخرى بطبخ الأكل المصري بالطعم الأصلي لجذب الآخرين.

لم تكتف السيدات في سوق حجاب ببيع الملابس والمأكولات فقط بل كن يبعن الأدوية الشعبية من زيوت وعسل وغيرها من الأعشاب التي تساهم في علاج الكثير من الأمراض، وكذلك يعرضن مهاراتهن في العلاج الشعبي من "كي وتمريخ وغيرها".

ممنوع الرجال

وانتقلت "الوطن" للمبنى الخاص بالسيدات الذي حمل لوحة "ممنوع دخول الرجال" وبدا المكان مقسما ومنظما بطريقة جيدة، وتفاوتت فيه أسعار الإيجار على حسب موقع البسطة فالتي تقع على الأطراف يصل إيجارها إلى 12 ألفا في السنة، بينما كانت البسطات التي على الممر 11 ألفا كذلك، ويحتوي المكان على بوفيه لبيع الأكل وتعمل فيه عاملات من شرق آسيا ومصلى خاصا بالنساء.

أم نوف التي كانت ترتب بضاعتها من ملابس وبراقع وعطور في مبنى السيدات تقول إنها هنا منذ افتتاح المكان وكانت تأمل أن تحصل على إحدى البسطات على الزاوية إلا أن جهلها منعها وتقول ضاحكة "راحت عليّ.. فحينما طلبت من المسؤول منحي أخبرني أنه تم حجزها من قبل السيدات الأخريات بعد أن دفعن للحراس الأجانب قبلها بيوم"، وعن فواتير الكهرباء تقول أم نوف إن كل أربع بسطات تتفق صاحباتها على تقاسم الفاتورة التي لا تصل أحيانا أكثر من 200 ريال كل شهرين تقريبا.

تسوق بروح الشابات

وفي نهاية السوق تفردت الشابات بمحلاتهن الخاصة التي عكسن فيها روح الفتيات من مستلزمات خاصة بإحياء الحفلات وبيع الهدايا إلى الأغراض الخاصة بالفتيات والمتزوجات، وتقول بنورة التي كانت تسأل عن بعض المنتجات التي قرأتها من خلال الشبكة العنكبوتية إن الكثير من المنتجات التي تباع هنا تعرض في المنتديات لذلك يسهل إيجادها هنا، خصوصا أن الفتيات هنا يدركن طلبات أغلب السيدات ويحرصن على توفيرها.