فرق كبير بين سيول جدة قبل أعوام وسيول تبوك هذه الأيام.. ليس الفرق في كمية الأمطار أو أداء الجهات الحكومية، ولكن الفرق الأكبر هو مصادر المعلومات للمواطن.. فالسعودي مع الإعلام الجديد يتغير فكره يوميا.. لم يعد المواطن متسمراً في انتظار نشرة الأخبار، بل أصبح صانعاً لها، خصوصاً في أوقات الأزمات.. إعلام الأزمة جزء مهم ورئيسي في إدارتها، ومن وضع أسس علم إدارة الأزمات في الستينات استشعر أهميته، فكيف الآن مع تضاعف الانتشار والتأثير آلاف المرات؟
لا جديد في سيول تبوك.. تتأخر المعلومة فيسبقها الإعلام الجديد، ثم توضع الدولة وأجهزتها في موضع الدفاع عن النفس.. تجاهد أن تثبت أن ما ينشر مبالغ فيه، ولكن وصول رسالتها ضعيف، وبينما يجتمع فريق الأزمة في كل دول العالم وفي صدارة اهتماماته كيف يخاطب الرأي العام، تجتهد الأجهزة الحكومية في شرح وجهة نظرها ولا أحد يسمع، لأن أسبقية المعلومة رسمت الصورة في ذهن المتلقي الذي وصلته في ثوان.. بيان الأزمة ومؤتمرها الصحفي اليومي هو ما يطبق في دول العالم المتطورة في إدارة الأزمات والكوارث.. عالم جيولوجي ومندوب عن الصحة والإسكان والمالية والإمارة والأمانة والأرصاد والدفاع المدني، وحساب في تويتر مدعم بالصور وكيك... ونقل حي لصور الإغاثة والإيواء.. ليصدقك الرأي العام وتترسخ إيجابية عملك.. أما أن يخاطب رأي عام مرسخة عنده النظرة السلبية بنفس الأسلوب القديم فتلك والله مشكلة.. لا بد للصورة أن تتحدث وتنقل ما يحدث فورياً.. والدفاع عن النفس تضمنه الأسبقية لتصل الرسائل الإيجابية، وإلا فهنيئاً للمغرضين فقد سيطروا في توجيه الرأي العام أثناء الأزمات.. وبينما هم يتواصلون في لحظات.. تذكرني الرسالة الإعلامية بالسلحفاة.. ترسخ عند أغلب الرأي العام نظرة أن أضرار سيول تبوك وراءها فساد.. وسحب الرأي العام للسلبية للمرة الألف..لا تلوموهم، فقد افترسهم التشاؤم بأدوات العصر، بعد أن خاطبهم التفاؤل بلغة القرن الماضي.