لا تزال "الجاهة" الخطوة الأولى والأهم في الزواج عند "أم مروان"، وعلى الرغم من الحداثة التي غزت المجتمع، إلا أنها تعدها ضمن الاستحقاقات التي تحرص عليها في حال أراد أحد أن يتقدم لابنتها "بدرية"، التي وصفتها بلهجتها البدوية قائلة "بدرية ليرة ذهب، وأريد لها جاهة ما مرت على أحد".

ولم تكن "أم مروان" وحدها من اللواتي يحرصن على قدوم جاهة لخطبة الفتاة، بل كانت السبعينية "مرزوقة" والملقبة بـ "أم عناد" تحرص على إحياء ذلك الموروث الذي تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل، تقول أم مرزوق "الجاهة موروث اجتماعي نحرص على ألا يختفي من مجتمعنا.

"أبو سالم" تحدث لـ"الوطن" عن تجربته مع الجاهة، حيث يقول: "آخر مرة كانت قبل ثلاث سنوات حينما ذهبنا لخطبة فتاة لابن أخي" وعما يميز الجاهة قال:"نحن البدو نضيف نكهة خاصة عليها، وتكمن في فنجان القهوة الذي يقدم لوالد الشاب المراد تزويجه، فحينما يتباطأ في شرب الفنجان، يعلم والد الفتاة أن هناك غرضا يرغب الزوار في طلبه منهم، حينها يذكر والد العروس الكلمات التي تدل على شيم العرب وكرمهم، ومنها:" اشرب القهوة، وابشر باللي تريد"، عندها يتقدم المتحدث باسم الجاهة لطلب يد الفتاة من والدها".

وترى أخصائية علم الاجتماع مطيعة الغامدي أن "الزواج أمر منظم، وله ترتيباته الخاصة التي اعتادت عليها بعض المجتمعات، ولا تزال تحافظ على تلك العادات والتقاليد باعتبارها موروثات اجتماعيه تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل"، مشيرة إلى أن بعض المجتمعات لا تزال تحافظ على هذا الموروث، على الرغم من كونه في الوقت الحالي لا يتجاوز الشكليات.

وعللت السبب في ذلك حيث تقول: "أصبحت زيارة الجاهة شكلية، حيث يتم الاتفاق مسبقا بين أسرتي العريس والعروس، وتحدد جميع الطلبات، وبعدها تكون الجاهة من باب المحافظة على الموروث الاجتماعي.

وقالت الغامدي إن "الجاهة سلوك اجتماعي صحي، تكمن فائدته في أن العريس يكون على قدر من المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويأخذ بعين الاعتبار التعب والمشقة التي حدثت جراء التحضيرات لذلك الزواج من جاهة وغيرها، إلى جانب النصائح التي يذكرها كبار السن من الطرفين للعريس والعروس.