لا أشك أن تعليقات القراء الأفاضل على الأخبار والمقالات سواء في الصحف الورقية أو شقيقاتها الإلكترونية سوف تخضع لدراسات متعمقة من المختصين في الإعلام والرأي العام؛ ذلك أنها بدرجة أو أخرى تعكس المزاج العام.

قبل أن تطلق الصحف نسخها الإلكترونية كانت ردود الأفعال هذه – في معظمها – حبيسة الورق الذي كتبت عليه، أو قسم البريد في مقر الصحيفة، الذي قد يمنّ بين فينة وأخرى بنشر النزر اليسير منها، أما الآن فقد أصبحت أهمية هذه التعليقات لا تقل عن أي مادة أخرى في الصحيفة، بل قد تفوقها، باعتبارها آراء متبرّعا بها "دون مقابل"، يكتبها صاحبها بدافع التفاعل مع قضية، أو رأي، إعجابا، أو امتعاضا، ولا شك أن من بين هذه التعليقات ما يثري المقال برأي أو فكرة، أو جانب تغافل عنه الكاتب، وبعضها يشي بموهبة في الكتابة من حقها أن ترعى، وكم من كتاب كبار تم اكتشاف مواهبهم من "بريد القراء". وبعضها الآخر يدعو إلى الدهشة..- فعلى سبيل المثال – لا تكاد تدخل إلى موضوع فني حتى تقرأ أحدهم يكتب: "مع احترامي الشديد.. وماذا استفدنا من الفن؟"، وهناك تعليق آخر شهير ومدهش ومتكرر وهو: "يا ليت تكتب عن الصحة والتعليم!"، ويكون الكاتب قد كتب ألف مرة عن الصحة والتعليم، وهما الموضوعان المفضلان لدى القراء، وهذا من حقهم، ولا أرى إلا أن يهتم الكتاب والمسؤولون بهذه الآراء، ويحسبون لها حسابا، فهي أولا وأخيرا تمثل ردود الفعل المتاحة لما يقومون به من عمل، والتعالي عليها لن يزيدهم إلا بعدا من الناس.