أبو أحمد كان خياطا قبل الحرب، لكنه اليوم بات على غرار كثير من سكان حلب المنكوبة همه الأول البقاء. وعلى بعد مئة متر من الجبهة خلا شارع إسماعيل باشا المؤدي إلى الأسواق التي تدور حولها المعارك بين المعارضة وقوات النظام من سكانه، لكن بعض التجار ما زالوا يحاولون كسب حفنة ليرات يوميا مع تغيير بضائعهم. ويدير بكري وناصر كشك والدهما الصغير لبيع البن وحب الهيل. لكن ألا يخشى الفتيان البالغان الثامنة والعاشرة من العمر تبادل إطلاق النار المستمر بين المقاتلين؟ "بلى، أنا أخاف. من لا يخاف؟" أكد بكري مبتسما.
بجوارهما كان اللحام يرمي بقايا كبيرة من لحم الغنم إلى القطط الرابضة تحت هيكل سيارة متفحم بمواجهة متجره. ثم بدأ يغسل عتبة ملحمته بكميات كبيرة من المياه. ووصل بائع السجائر بقميص ممزق عارضا علب المارلبورو المهربة. وقال "هذا عملي منذ أسبوع، أنا في الأصل بائع ملابس لكن لم يعد لدي زبائن". ثم يمر بائع الخضار تكرارا فيعرض الخس والبقدونس والفجل. ثم بائع الذرة المسلوقة الذي غير مهنته هو أيضا منذ ثلاثة أشهر.
أبو أحمد كان خياطا قبل اندلاع النزاع لكن "لم يعد هناك عمل". ويقيم الرجل البالغ 53 عاما في الشارع نفسه في المدينة القديمة منذ 22 عاما وليس لديه أي مكان يذهب إليه. ويقول "أريد البقاء هنا. أعيش هنا أو أموت".