في ديسمبر الماضي أعلنت تبوك أنها المدينة الأولى في المملكة العربية السعودية التي تصل تغطيتها بشبكات المياه والصرف الصحي للأحياء المعتمدة بنسبة 100%، معلنة أنه إنجاز غير مسبوق، وقد تزامن ذلك الإعلان مع استعراض عدد من المشاريع التنموية الجاري تنفيذها بالمنطقة في مجالات التعليم، والصحة، والمياه والصرف الصحي، بقيمة إجمالية تجاوزت الـ6 مليارات، ففي مجال التربية والتعليم بمنطقة تبوك بينت إمارة المنطقة أن المشاريع التعليمية الجاري تنفيذها للبنين عددها 66 مشروعا تعليميا بقيمة 645 مليونا، والمشاريع التي تم استلامها هذا العام وعددها 30 مشروعا بقيمة 240 مليونا، والمشاريع التي تم طرحها وتسليم مواقعها أو جار تسليمها وعددها 73 مشروعا بقيمة 295 مليون ريال، كما بينت الإمارة في تقريرها أنه تم خلال العام الماضي سحب 23 مشروعا تعليميا متعثرا وأعيدت ترسيتها على شركات ومؤسسات وطنية أخرى لاستكمال تنفيذها.

وفي مجال الشؤون الصحية بمنطقة تبوك أوضحت الإمارة أن مشروع مستشفى تيماء قد تم الانتهاء من تنفيذه بنسبة 100%، وجار تجهيزه ليتم افتتاحه خلال هذا العام، كما يجري تجهيز مستشفى الملك فهد التخصصي الجديد بعد أن تم الانتهاء منه، بالإضافة إلى مشروعي مستشفيي ضباء وأملج، اللذين وصلت نسب الإنجاز فيهما إلى 98%، فيما تم افتتاح 17 مركزا صحيا والبدء في تنفيذ 11 مركزا جديدا، وأبان التقرير أن المراكز الصحية التي أوجدت لها مبان حكومية وصل عددها إلى 52 مركزا صحيا بالمنطقة بنسبة 80% من الإجمالي لعدد المراكز وسيتم طرح المتبقي قريبا لتنفيذه والذي تصل نسبته 20% بالإضافة إلى التوسعات الجديدة في مستشفى الملك خالد وتطوير البنية التحتية وإنشاء سكن للعاملين في مستشفى الملك فهد التخصصي ومستشفى الوجه وتيماء وضباء وأملج وترميم مستشفى الولادة والأطفال وإنشاء مختبر مركزي ومركز للأسنان ومستودعات مركزية.

أما في مجال المياه فبينت الإمارة أن مشاريع المياه بلغ عددها 123 مشروعا والعقود التي تم توقيعها مؤخرا من قبل وزير المياه والكهرباء قد شملت 35 مشروعا بالإضافة إلى ثلاثة مشاريع بانتظار طلب تعزيز البند لها بالميزانية القادمة، وعقود تحت الترسية لـ12 مشروعا منها مشروع "سقيا" في محافظة ضباء وتنفيذ توصيلات صرف صحي منزلية بالأحياء الجنوبية وفي أحياء القادسية والراجحي والروضة والمروج والمصيف المرحلة الأولى وتشغيل وصيانة السدود بمنطقة تبوك ومشروع إنشاء شبكات مياه الشرب وخزان أرضي في "القليبة" وتطوير وتحسين الآبار بتبوك وإنشاء مبان للمختبرات بالبدع والقليبة وبئر بن هرماس وحماية محطة الضخ والمعالجة من أخطار السيول وحفر 5 آبار يدوية في محافظة ضباء وإنشاء مختبر مركزي بالإضافة إلى العقود التي تم الإعلان عنها لمشروعين، الأول إنشاء محطة التنقية لمشروع مياه تبوك الشامل والثاني تنفيذ توصيلات صرف صحي منزلية لأحياء السلام والربوة وقرطبة والعليا مرحلة أولى.

ما ذكرت آنفا في هذا المقال منقول من خبر منشور في صحيفة رسمية بشيء من التصرف، وهو يبين في ظاهره أن هنالك مشاريع تنجز ومبالغ ضخمة تصرف عليها وأن هنالك مشاريع متعثرة تم سحبها وتسليمها لمقاولين آخرين، والناظر إليها تأخذه البهجة وشيء من الراحة، حتى يفاجأ بما أذاعته الصحف ذاتها عن إشكالات الصرف الصحي في منطقة تبوك، والتي نجم عنها ما نجم من أضرار، لنبدأ بالسؤال عن مطابقة تلك الأرقام للواقع وتبدأ الصحف و"تويتر"، والإعلام الرسمي وغير الرسمي حملته في وضع الرؤى والتصورات والمبالغات يمنة ويسرة دون تحقق من الادعاء، ثم تقوم بعض الجهات الرسمية بدحض هذه الادعاءات ومحاولة بعض منها المبالغة غير الموفقة في "ترقيع" الصورة لنواجه عدم واقعية الإعلام غير الرسمي بعدم واقعية التصاريح الرسمية.

الإشكال ليس في هطول المطر، وليس في تجمع المياه وليس فقط في الأضرار الناجمة عنه، الإشكال ليس في شكاوى الطلاب من وضعية المباني الدراسية التي لا تطابق المعلن، وليست في تردي أوضاع الشؤون الصحية رغم هذه الميزانيات الضخمة التي يتم صرفها، فهذه مشاكل نراها في كل مكان ويمكن أن تحدث في كل دول العالم مع تفاوت في التوقعات وفقا لحجم وإمكانات هذه الدول، وما نتوقعه في مملكتنا الحبيبة مع هذه الميزانيات الضخمة والمصاريف على المشاريع التنموية أكثر وأفضل بمراحل من الحاصل، ولهذا فإن الإشكال يكمن في أننا ما زلنا نقرأ أرقاما قد تظهر عند تجريدها من سياقها الأصلي أرقاما كبيرة، مما يجعل المسؤول الذي أعلن عنها يخلي ساحته أمام رئيسه، ولكن عندما توضع هذه الأرقام في سياقها الصحيح ضمن الخطط السنوية للمناطق بتفاصيل المشاريع ونسب الإنجاز المفترض ونسب التأخير، وجودة الأداء بعد التسليم مقارنة بما تم التوقيع عليه؛ سيكون لدى المسؤول معيار دقيق يبعد عنه وعنا الفرصة للمبالغات الإعلامية في تهويل الحدث وكذلك المبالغات الإعلامية في تصغيره وترقيعه، الأزمة باختصار هي أزمة شفافية تمكن المسؤول قبل غيره من التعرف على مكمن الخلل ومعالجته.