لم يدرك الأب أن طفله الذي لم يكمل عامه الأول قد يموت نتيجة عادة تم تداولها عبر الزمن تسلسلاً من أجدادنا إلى آبائنا لتسلية أطفالنا. وهي رفع الطفل عاليا، وتلقيه عدة مرات. فقد كانت هذه المداعبة التي مارسها الأب هي القاضية، اختفى بعدها صوت ضحكات الطفل بشكل مفاجئ، وبدت ملامحه غريبة، فيها نوع من الألم ثم لحقها إغماء.

أيقن الوالد حينها أن هناك خطبا ما أصاب طفله، فلم يتمالك أعصابه، وأسرع مذعورا إلى المستشفى لإنقاذه، ليفاجأ هناك أن ولده دخل في غيبوبة، وأن إمكانية نجاته منها ضعيفة، وإن نجا سيكون متخلفا عقلياً، نتيجة تمزق الأوعية الدموية في المخ، والذي أدى إلى نزيف داخلي.

أصيب الوالد بصدمة جعلته لا يستطيع فهم ما حدث، وشتت تفكيره، ولم يعلم كيف يتصرف، وما هي إلا فترة من الزمن، لتبلغه الدكتورة أن ولده تُوفي بسبب "الهدهدة" العنيفة.

قد يلجأ معظم الأهل إلى هز الطفل أو رفعه في اتجاه السماء، والتقافه لإسكاته عند البكاء، أو كنوع من المرح، ولكن ما لا يدركه الأباء أن هذا النوع من التعامل مع الطفل قد يؤدي إلى اضطرابات وأضرار خطيرة بالمخ، أو يؤدي إلى الصرع. وأوضحت استشارية قلب في مستشفى ولادة الأطفال الدكتورة خديجة العمودي، في حديثها إلى "الوطن"، أن "الهدهدة" تؤدي إلى موت أكثر من نصف الأطفال الذين يتعرضون للهز بقوة، أما الذين ينجون فإنهم يعانون من عدة إعاقات على المدى البعيد ومنها: العمى الجزئي أو الكلي، أو فقدان السمع، أو نوبات الصرع، أو تأخر في النمو، وضعف الذكاء، وصعوبات في القدرة على التعلم والتحدث، ومشكلات في القدرة على التركيز، أو تخلف عقلي، وفي أحيان أخرى قد يعانون منها كلها، أو مجموعة منها حسب المنطقة المصابة في المخ". وأضافت أن هنالك حالات سجلت في مستشفى الولادة والأطفال بالدمام، عن وفاة طفلين جراء "الهدهدة" خلال الأعوام الماضية.