في الموسم الكروي السعودي الأخير برزت مسألة لا نريد أن نسميها ظاهرة، فهي أقرب إلى "الموضة" أو "التقليعة" منها إلى الظاهرة، وهي مقاطعة بعض الأندية الرياضية الكبيرة لبعض البرامج أو القنوات الرياضية.
فبعد أن قاطع نادي الهلال قبل أشهر برنامج "خط الستة" على قناة أبو ظبي الرياضية، ولم يعلن إلى اليوم تراجعه عن ذلك؛ صرح القائمون على نادي النصر بمقاطعتهم لقناة "art"، التي ستنتهي خدمات بثها الرياضي الكروي في السعودية قريباً!
هذا الأمر يدعو إلى القلق لأسباب ثقافية في المقام الأول، لعل من أهمها أن الأندية الرياضية الكبيرة كالهلال والنصر لها جمهور عريض جدا من الشباب والنشء. وحين تتبنى إدارات هذه الأندية مثل هذه المقاطعات فإنها تكرس في هذا الجيل الشاب فكرة المقاطعة في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى الحوار والتقارب!
المملكة العربية السعودية قامت في الفترة الماضية وما زالت بدور ريادي في التواصل والحوار مع الآخر، بل وقادت العالم أجمع في مؤتمر مدريد إلى حوار كوني كبير بين الأديان السماوية، نابذة فكرة المقاطعة والتقوقع والانغلاق على الذات، مشجعة مبدأ الحوار والتلاقي بين الحضارات وهي حضارات بكل مشاربها واختلافاتها وتضاد قيمها ومفارقاتها، فما بال الإخوة في الأندية الرياضية وهي التي يفترض أن تكون منارات الروح المتسامحة، لا ينظرون إلى المعنى السامي الكبير الذي تتبناه دولتهم بمباركة عالمية؟
قد يقول قائل من داخل هذه الأندية إن البرنامج الفلاني أو القناة الفلانية تتعمد الإساءة لنادينا ويتصيدون أخطاءنا، أو ينحازون لفريق على حسابنا! وهنا يمكن القول لكل أولئك إن المقاطعة ليست هي الحل، وإن وجد فعلا تحيز من قبل الإعلام الرياضي – وهو موجود وخاصة في الصحف لضعف مهنية بعض المحررين وقوة اختراق الأندية لها- فإن الحل يكون في التخاطب مع مسؤولي تلك القناة أو الصحيفة، وقبل ذلك مع المسؤولين المباشرين عن البرامج أو الصفحات الرياضية، وطلب المداخلة والتوضيح، ولا أعتقد أن جميع المسؤولين في تلك القناة أو تلك الصحيفة قد تآمروا على نادٍ بعينه، إذ لابد أن يوجد بين كل هؤلاء من يحترم المهنة!
لا يوجد شك أن في ناديي النصر والهلال رئيسين على قدر كبير من التثبت والعقلانية، يقبلان النصيحة ويعرفان جيدا أن في الرياضة رسالة سامية، وأهدافا تتجاوز مضمار الملعب وعدسة الكاميرا ومايكرفون المذيع، وهما أيضا (الأمير فيصل بن تركي والأمير عبدالرحمن بن مساعد) على قدر كبير من المسؤولية، حين يصل الأمر إلى مفاهيم خاطئة، قد تزرع في عقول النشء والشباب إثر غضبة عابرة، أو عتب ما يلبث أن ينجلي.