بعضهم كان معارضا منذ فترة طويلة وأكثر هؤلاء من الإسلاميين، فيما كان البعض الآخر من التجار الأثرياء أو كبار ضباط الجيش. وبعد اندلاع الانتفاضة شكلوا ألويتهم من أجل هدف مشترك هو إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. أبو سومار كان رجل أعمال ناجح يملك مكاتب في مختلف أنحاء سورية، لكنه استبدل بدلته الرسمية بالبزة العسكرية. وبفضل أعماله في الاستيراد والتصدير كان "رجلا ثريا جدا ليست لديه أي مصلحة في سقوط النظام". لكن الرجل الذي بات قائدا لكتيبة كبيرة في حلب أكد اختيار معسكر "ثورة الكرامة".
أما الشيخ محمود الذي يطلق لحيته ويرتدى اللباس الأفغاني، فيقول مبتسما "الشباب يطلقون علي بن لادن حلب". وأكد ضاحكا أن رأسه مطلوب لدى النظام وأن من يسلمه حيا سيتلقى خمسة ملايين ليرة سورية مكافأة. ويشدد على أنه يتبع الإسلام المعتدل ويرفض أفكار تنظيم القاعدة المتطرف.
أبو عمار أيضا يأتي من خلفية إسلامية. فقد أمضى عشر سنوات في زنازين نظام الأسد لانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين. لكن الرجل الذي كان يؤيد الكفاح السياسي غير المسلح بات اليوم يضع خطط المعارك على مكتبه الزهري. في مقره العام الذي كان صالون تصفيف شعر للسيدات حيث ما زالت قوارير العطور وعبوات الرذاذ المثبت للشعر مبعثرة هنا وهناك، جلس أبو عمار يشرح أساليب التعذيب التي تعرض لها في السجن. وقال "قتل عدد من السجناء تحت الضرب. كما نقل واحد من السجناء إلى قاعة أمام تلفزيون يبث صورا حية تصورها كاميرا في الغرفة المجاورة". وتابع "على الشاشة زوجته محاطة بسجان يهدد بتركها وحيدة بين عشرة سجناء. اعترف في لحظتها بكل ما أرادوه".
في حي آخر في حلب يستقبل قائد كتيبة محلية زواره في مكتب مديرة مدرسة حيث استقر مع رجاله. في أثناء الحديث لا يرد على أي اتصال هاتفي، باستثناء رقم زوجته. ويبتعد لمحادثتها ليعود بعدها مبتسما وهو يقول مازحا "إنه اتصال من وزارة الداخلية". وليس نادرا الالتقاء بشخصيات طريفة مثل هذا القيادي الذي انشق عن الجيش النظامي.