واستطراداً لما ابتدأته بالأمس، كيف يمكن أن تكون – الساكن – الهادئ وأنت المقيم بين هذه التيارات الجارفة على حدود البوصلة الأربعة؟ هذه الأحلام تسبح ضد قـانون المناخ، وما بقي لك ليس إلا أن تتحكم في أحـوال الطقس لمن يعرف الفوارق بين الاثنين. وحين ذكرت في رأس مقال الأمس قصة هـذه – المدينة – وهي تتعايش بانسجام مع عشرات اللغات ومثلها من الوجـوه والجنسيات، كنت أقصد أن أدلف للسؤال: نستطيع توأمة الانغلاق في محيط متغير. كيف أستطيع أن أهضم ما أشاهده بعيني وأنـا أغـادر آخـر مطار سعودي نحو المهجر القريب: ذروة الظهيرة في المطار بلا طائرة أجنبية واحدة رغم أننا السوق العملاق الاقتصادي بناتج محلي يفوق وحده مجموع كـل بلدان الشرق الأوسط؟ المنظر وحده انفصام مع الذات. نحن في اليد الأخرى أكبر قبائل منظومات التواصل الاجتماعي في هذا المحيط، ولدينا على أفخاذه وفصائله من التويتر إلى – الواتس أب – أعظم موجات الجمل السابحة على – السايبر – الفضائي. هل ندرك مثلاً، وكما يشير الإحصاء، أن 80% من أفراد هذه القبائل الإلكترونية هم من الشباب دون الخامسة والعشرين؟ وهل نـدرك أن أقـل من 10% من أفراد هـذه القبائل الإلكترونية هـم الذين يبلغون فوق سن الخمسين؟ هـل نحن على وعي كامل بهذا الانفصام الاجتماعي في الأفكار والآراء ما بين جيلين متزامنين يعيشان داخل هـذا المجتمع الواحد؟ هل نحن نقرأ هذه الملايين من الجمل التويترية السابحة إلى الملايين وبينهم في كل مساء لنعرف أين تأخـذنا الخطوة القادمة؟ هل نعرف بكل بساطة، وللمثال التقريبي، أننا الأسرة الوحيدة بين مجتمعات الأرض التي ينام فيها الآباء عند العاشرة مساء بينما الأطفال والشباب على هذا الفضاء الإلكتروني حتى تباشير الفجر بكل ما لهذه المقاربة من رمزيتها المذهلة؟ هل نحن نقرأ ما يكتبون؟ وهل لدينا من يقرأ هذا (المناخ) ونحن مشغولون بحركة (الطقس)؟ هل لدينا من يستطيع قراءة الفارق ما بين المصطلحين؟!