هكذا التقينا، أنت هبة الله، وأنا حالم أترقّب. لم أفعل لك شيئا، ولم أصنع فيك شيئا، أنت جاهزة قبل أن نلتقي، فاتنة الحقول والقصائد والجدائل، تعرف كيف تلوح للجميع، أنا لست أفضلهم ولا أليقهم بك، ولست أولهم ولا آخرهم، لكني وحدي رفعت سقف حلمي، وفرشت، بين النجوم، بساط الندامى، ومددتُ العمر، أصف الأقداح، أوقد الشموع، أرتب المواعيد لسيدة السيدات، لعناق حلمي الذي في النجوم، فأنا لست ممن يحب العناق في الأرض.
تمر الفرص بك تمنحك السلالم فترفضين، وتعبر بك اللحظات تمنحك الكلام فتصمتين، ألهذه الدرجة لا تملكين القوة لتستجيبي لسخاء الأقدار؟!.
أبتسم بإشفاق حين أسألك عن صمتك فتحرجين غمّازتيْك بالجواب، فينكسر قلبي ويئن حلمي لك.
العاشقوك الخادعوك طوابير على بابك، تلقين عليهم حبائلك فيلفون عليك سلاسلهم ليسرقوا عنفوانك. أنا لا أعشقك مثلهم، أنا أحبك فقط، أغار لك لا أغار عليك، أتألم وأنت تنثرين ألغام الصمت في مستقبلك، فلا تعلمين في أي خطوة تصادفك ولا من أي دجال تأتيك.
نلتقي فأضمك خائفة مرتجفة عاجزة عن الكلام، فلا أستطيع أن أقبلك قبلة المحب المفتون، بل قبلة المحب القلق، فكل ليلنا دموعنا المختلطة، وخوف يفتك باللحظة التالية.
ليالي أسهر على قمرك، تدوّخني رقصات أمواجك وألعابك الطفولية فتغص بي التناهيد وأصرخ: حرام أن تبيت هذه الفاتنة ليلة واحدة فريسة قلق وطريدة خوف.
هل رأيتني وأنا أقول لك: سأبيت على بابك، هناك سماء تليق بعنفوانك وزمان يليق بشموخك؟. أعرف أني أظلمك حين أخاطبك كما أنت في حلمي، فأنا وأنت نعرف أنك عاجزة حتى عن الكلام، ضعيفة حتى أمام اللصوص. تخيلي!.
جبالك، سهولك، شواطئك، شِعرك، وعلمك، كلها أشياء أخرى، إضافات لا غير، كلها ليست أنت. أنت موقفك، كلمتك، قولي "لا" للصوص لو مرة واحدة، يسمعها الكل، بدون "لا" فلن يحترمك ولن يراك أحد، وسينهبك الناهبون ويهزم كبرياءك العابرون، ويوهمك المضللون أنك وأنك وأنك.
التاريخ لا يحترم الصمت ولا تصنعه "نعم". التاريخ دائما تصنعه "لا".
أنا أحبك، وسأحلم وأنتظر..