ليس أمراً غير مقبول.. لكنه أمر غير معتاد أن يرتدي الإعلامي عباءة المحامي للدفاع عن زملائه الإعلاميين.. المعتاد في مثل هذه الحالات أن أشد الضرر يصيب الإعلامي من زملائه. قيل قديماً "عدوك صاحب مهنتك".. في الوسط الإعلامي العربي أكثر السهام المسمومة التي تصيبك بين حين وآخر هي من جعبة زملائك في المهنة.. لكن هذا لا يبرر أن أكون سلبيا تجاه زميلين يتعرضان لهجوم منظم من داخل البلد.
بعيداً عن هذا الاستطراد الممل، أعود للسؤال الذي طرحته يوم أمس: من الذي يروّج هذه التهم المعلبة ضد الزميلين القديرين داود الشريان وعلي العلياني أو علي العلياني وداود الشريان؟
الجواب ببساطة هم أولئك الذين يعتقدون أن دور الإعلام هو العلاج على أرض الواقع.. بينما دور الإعلامي تشخيص الحالة. وكشفها أمام الرأي العام.. بالقلم.. بالصوت.. بالصورة.. بالرسم الكاريكاتيري.. وله إن شاء أن يقترح ما يراه مناسباً من وجهة نظره لحل هذه المشكلة.. فقط.. هذا هو دور الإعلامي.. أما التدخل على الأرض فليس من اختصاصات الإعلامي.. هناك اختراع بشري اسمه "حكومة".. هذا الاختراع هو المعني بحل المشاكل التي يتعرض لها الناس.
عدم تفاعل مؤسسات الدولة مع ما يطرحه الإعلام ليس من مسؤولية الإعلامي أبداً.. نقطة مهمة أخرى، وهي أن المستهدف ليس الزميلين بقدر ما هو الإعلام ككل.. بل وأبعد من ذلك من خلال تشويه هوامش الحرية التي بدأت تتشكل في بلادنا.
لدينا برامج مهمة وفاعلة في "إم بي سي" و"روتانا خليجية" و"لاين سبورت" والقنوات السعودية وغيرها.. وهناك أيضاً برامج جميلة جداً ولها جمهور عريض على "يوتيوب".. لكن جميع هذه البرامج لا يمكن أن تكتمل رسالتها دون تفاعل وتجاوب (رسمي) من جانب.. و(شعبي) من جانب آخر من خلال تشجيعها وحمايتها من هذه الإشاعات الممنهجة.