لخصت دراسة أجراها الزميل الباحث سلطان بن عبدالعزيز آل الشيخ المتخصص في التسويق الرياضي كثيراً من الثغرات التي تعانيها الرياضة السعودية وعلى الأخص كرة القدم.
وركزت الدراسة على ضرورة التخطيط لانتشال الكرة السعودية من وضعها المتراجع، وركزت على التعصب الرياضي وأسبابه، ورأت ضرورة تطوير الإعلام الرياضي، وتطوير البنية التحتية والخدمات المقدمة للجمهور، وأهمية الخصخصة.
وقال آل الشيخ "إن الدراسة تهدف إلى استقراء آراء الشارع الرياضي حيال عدد من الموضوعات المهمة"، فكرة القدم السعودية وإن شهدت انخفاضات ملحوظة في السنوات الأخيرة، إلى أن القائمين عليها يخطون العديد من الخطوات الإيجابية لبحث سبل التطوير وطرق جميع أبواب رقي هذه الرياضة على جميع المستويات.
ويقول آل الشيخ "أجريت الدراسة على (803) أشخاص من الجنسين والمهتمين بالرياضة السعودية وكرة القدم تحديداً، سواء كان على المستوى الفردي للمشجعين أو حتى من خلال تغطيتها الواسعة في وسائل الإعلام المختلفة التي تشمل الجرائد، التلفاز، الراديو وأخيراً الإنترنت، إن الإعلام هو السبب الرئيسي لتأجيج التعصب في الوسط الرياضي، أما من ناحية السؤال المطروح في الاستبيان عن أسباب التعصب الرياضي، فكان المقصود منه هو التعصب المقيت الذي يتجاوز مرحلة التشجيع ودعم الفريق المفضل إلى أكثر من ذلك، مثيراً الضغينة وكثيرا من المشاكل بين لاعبي ومنسوبي الأندية ومشجعيها".
وشدد على أن "الدراسة أكدت أن تطوير الإعلام الرياضي يعد من أصعب تحديات المرحلة المقبلة، وعليه يتطلب العمل الإعلامي الرياضي مزيداً من التطوير والتأهيل لمنسوبيه وإخضاعهم لدورات تأهيلية وتدريبية في المجال الإعلامي والرياضي بالتحديد، فهم الواجهة الإعلامية للرياضة التي يستمد كثير من المتابعين ثقافتهم الرياضية منها وخاصةً صغار السن".
وأكدت الدراسة أن أسباب تراجع مستوى الكرة السعودية يكمن في سوء التخطيط الإداري في المنظمات الرياضية، وهذا ما أكده (57.7%) من العينة المختبرة، بينما رأى (53.9%) أن انخفاض مستوى الكفاءات الإدارية في المنظمات الرياضية يمثل عنصراً آخر.
وبينت الدراسة أنه يتطلب تطوير العاملين في هذا المجال واستقطاب الكفاءات الإدارية المتميزة داخلياً وخارجياً مع تهيئة بيئة عمل صحية وآمنة لجذبهم.
من ناحية آخر، لم تكن قلة مواهب اللاعبين سبباً رئيساً في التراجع، حيث إن مجرد (14.2%) من العينة المختبرة أكدوا ذلك، ما يدل على إيمان كثيرين بالموهبة الفطرية التي يتمتع بها اللاعبون السعوديون، وأنهم لا يقلون عن نظرائهم في الدول الأخرى إلا في مسألة مهمة تتعلق بفكر اللاعب نفسه وذلك ما أكده (41.8%).
وترى الدراسة أن العمل الرياضي يتطلب تخطيطاً، لا يقتصر على الاتحاد السعودي لكرة القدم فقط، بل يشمل إدارات الأندية السعودية، حيث يقلل ذلك من سياسة الاجتهاد ومبدأ التجربة والخطأ عند اتخاذ القرارات الأساسية، فكرة القدم السعودية في تراجع مستمر، ما انعكس على نتائج المشاركات الأخيرة للأندية والمنتخبات السعودية بالسلب.
وأكدت الدراسة أن (94.4%) من العينة المختبرة يفضلون متابعة المباريات المحلية عبر التلفاز، (79.2% منهم من الشباب)، وأكد (80%) منهم، أن أهم الأسباب، تعود إلى سوء الخدمات والتنظيم داخل الملاعب، في حين بيَّن (2%) أن إنخفاض المستوى الفني للفرق المحلية هو السبب في ذلك.
بينما كانت إجابات الإناث اللاتي يمثلن (18%) عن متابعتهن للمباريات عبر التلفاز بسبب منعهن من الحضور واقتصاره على الذكور، والملاحظ من الإجابات أن انخفاض المستوى الفني لم يكن من الأسباب الرئيسة التي أدت إلى انخفاض الحضور الجماهيري للمباريات، بل سوء التنظيم والخدمات المقدمة، وهي بلا شك ملاحظة واضحة للعيان في كل الملاعب السعودية فالخدمات المقدمة داخل مرافقها أوقات المباريات غير مشجعة للحضور، إضافة إلى ضعف الخدمات التكميلية الأخرى مثل نظافة دورات المياه وتوفر مواقف ملائمة للسيارات.
كما أن انخفاض جودة خدمات التموين من المأكولات والمشروبات جعلت الكثيرين يترددون في اتخاذ قرار الذهاب للملعب. حيث يعد الحضور إلى الملعب لمتابعة المباريات المحلية من أهم مصادر الدخل للأندية، ولبث الحماس في اللاعبين ودعمهم في المباريات من جانب آخر. كما أنها تعد وسيلةً ترفيهيةً مهمة للشباب لقضاء أوقات فراغهم.
من جانب آخر تذكر الدراسة، بأن سوء تنظيم دخول الجماهير وتوزيع مقاعدهم وعدم ترقيمها يمثل عائقاً لكثيرين أيضاً لارتباطاتهم الدراسية والعملية، ففي المباريات الجماهيرية التي تقام في الملاعب الصغيرة مثل إستاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة، على المشجع الحضور قبل المباراة بحوالي أربع ساعات لضمان حجزه لمقعده حتى لو قام بشراء تذكرته قبل يوم المباراة، وبما أن الكثير ممن شملتهم الدراسة من الطلاب والموظفين (35.7% طلاب) و(53.3% موظفون) فإن ذلك يشكل عائقاً كبيراً للحضور. كما كشفت الدراسة أن (63.9%) من العينة المختبرة تؤمن أن المضي قدماً في خصخصة الأندية الرياضية يعد من أهم العناصر التي يجب أخذها بعين الاعتبار في مرحلة التطوير المقبلة، وتعد من أهم العوامل التي ستساعد على تطور الرياضة السعودية ليس على مستوى كرة القدم فقط بل تشمل جميع الألعاب، مما يعني انعكاس ذلك إيجابياً في تفعيل دور الاستثمار الرياضي وجذب رؤوس الأموال لضخ السيولة في الصناعة الرياضية، كما أن تحول المنظمات الرياضية إلى منظمات هادفة للربح يقودها إلى تفعيل التنظيم الإداري لها وتقنين القرارات العشوائية المبنية على مبدأ التجربة والخطأ، وتأهيل بيئة جاذبة للعمل على النطاقات الإدارية والفنية للوصول للإحتراف الحقيقي للمنتمين لهذه الصناعة.
ودعت الدراسة إلى ضرورة تضافر جهود كل القطاعات لزيادة الاهتمام بالنشء، حيث أكد (55.3%) من العينة المختبرة أن تكثيف الاهتمام بهذه الفئة يعد من الأوليات التي يجب العمل عليها من خلال إنشاء الأكاديميات الرياضية التي لا يشترط ارتباطها بالأندية الرياضية.