تعتبر المقومات الاقتصادية لدى السعودية ومصر أساساً قوياً للتنبؤ بمستقبل الاقتصاد العربي وإذا كان الغاز والبترول أكبر المقومات الاقتصادية لدى دول الخليج فإن تنوع المقومات الاقتصادية في مصر يعطي اقتصادها متانة وقوة لا تتأثر بتقلبات أسعار البترول والغاز رغم أنها أحد المنتجين ومن أكبر المستهلكين لهما. فالزراعة والسياحة والصناعة والتجارة المتبادلة وسيطرتها بالإدارة والتشغيل لقناة السويس أحد أهم المعابر المائية في العالم المؤثرة لحركة التجارة العالمية بين الغرب والشرق وبين جميع القارات في العالم كما أن مقوم القوى العاملة المتعلمة والمدربة والمتخصصة في جميع المجالات بالإضافة إلى القوى العاملة غير المتتطلب بها مهارات والخاصة بالأعمال التنفيذية جميع هذه المقومات بالإضافة إلى الاستقرار السياسي يضع مصر في الكفة الثانية من ميزان القوى الاقتصادية في العالم العربي، مع شقيقتها وشريكتها التاريخية المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه الذي وضع الأساس للعلاقات السعودية المصرية، وتطورت العلاقات السعودية المصرية الاقتصادية إلى أن وصلت التجارة البينية بينهما إلى خمسة مليارات دولار وهناك تطلع لأن تصل إلى سبعة مليارات دولار لو تم انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي لمجلس التعاون الخليجي وتمت الإجراءات الفعلية لإنشاء السوق العربية المشتركة.
إن التوجه الاقتصادي المشترك بين القيادتين السعودية والمصرية دفع بالاستثمارات السعودية للمرتبة الأولى بين الاستثمارات العربية في مصر والمرتبة الثانية بين جميع الاستثمارات العالمية في مصر. ووصلت الاستثمارات المصرية في المملكة إلى حوالي سبعمئة وخمسين مليون دولار والاستثمارات المصرية المشتركة في المملكة إلى حوالي مليار ونصف دولار.
وتربط العلاقات الاقتصادية بين المملكة ومصر القوى العاملة المصرية في السعودية التي يتجاوز عددها مليون ومائتي ألف مصري يعملون في مختلف المجالات وعلى مختلف المستويات العلمية والمهنية المتخصصة ساهمت هذه العمالة في بناء التنمية السعودية منذ أكثر من مئة عام وتسهم تحويلاتهم في التنمية الشاملة في مصر وفي المقابل الآخر يقيم في جمهورية مصر العربية أكثر من سبعمئة ألف سعودي وسعودية إقامة دائمة أو متقطعة نظامية أو غير نظامية وتحظى الجالية السعودية برعاية خاصة من حكومة وشعب مصر. وتفتح الجامعات المصرية الحكومية والخاصة أبوابها لعشرات الآلاف من الطلبة الدارسين على حساب الحكومة السعودية أو على حسابهم الخاص.
هذه نبذة بسيطة عن العلاقات الاقتصادية والتي تدعمها وتساندها العلاقات السياسية المميزة والتي تستند على العلاقة المتينة والأخوية بين الرئيس حسني مبارك رجل الاعتدال السياسي والملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين وحكيم القادة العرب صاحب المبادرات الأخوية في تهيئة الأجواء والعلاقات العربية والدولية.
إن ما يدفعني اليوم للكتابة عن العلاقات السعودية المصرية هو زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمصر الأسبوع الماضي والتي تضمنت النقاش في العديد من القضايا العربية والتي يأتي على رأسها القضية الفلسطينية واستقرار العراق ولبنان وهي قضايا تشغل بال شعوب المنطقة ولن تكون هناك حلول أو بوادر حلول دون تدخل القيادة السعودية والقيادة المصرية.
وأنتهز هذه الفرصة لأن أطالب دول الخليج بضرورة العمل على سرعة انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي لمجلس التعاون والعمل على تفعيل اتفاقية إنشاء السوق العربية المشتركة.
مؤكداً أن توجيه الاستثمارات الخليجية إلى الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر سيكون له بعد اقتصادي وتجاري.
وهي ليست عواطف أبثها وإنما حقائق مسجلة تتسابق عليها الشركات العالمية وهي دعوة مشتركة لرجال الأعمال والشركات المصرية للاستفادة من الفرص المتاحة في المدن الاقتصادية في المملكة وعلينا كقطاع خاص أن نستفيد من المذكرات التسع الاقتصادية التي تم توقيعها بين البلدين بعد القمة الثنائية التي عقدت بين الرئيس حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالرياض في ديسمبر 2009م، والتي ساهمت في فتح آفاق جديدة للتعاون التجاري بين مصر والسعودية، والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه رجال الأعمال في الدولتين.
إن من أفضل التوجه المستقبلي لدول الخليج لضمان أمنهم الغذائي قد يكون هو الاستثمار في القطاع الزراعي والصناعات الزراعية في مصر ولذلك أسباب عديدة من أهمها البنية التحتية التي استعدت لها الحكومة المصرية في المناطق الزراعية وذلك من تجهيز شبكة الطرق وموانئ التصدير على البحر الأحمر. وقد يكون هذا الخيار هو الأفضل على المدى البعيد.