"هبوط مظلي دون سابق إنذار" بهذه العبارة وصف حسام الحربي ضيوف الفجأة، مضيفا أنه يسكن بمفرده، لارتباطه بعمله العسكري بالمدينة المنورة، وكثيرا ما يتعرض لهذا النوع من المواقف.
يقول الحربي "يعتقد كثير من الزملاء أن تواجدي في المنزل بمفردي تصريح مفتوح لهم بزيارتي في أي وقت دون اتصال مسبق، وهذا ما يسبب لي حرجا كبيرا، وحيرة بين رفض استقبالهم، والذي قد ينتج عنه نوع من الضغينة بيننا مستقبلا، أو استقبالهم الذي يعطل مصالحي ويقيد حريتي داخل منزلي".
وفي السياق نفسه قال مروان الأحمدي إن "الضيف في السنوات القليلة الماضية كان يحضر دون إشعار الشخص الذي يريد زيارته، ويجد الترحيب والاستقبال، عكس ما هو عليه الآن"، مشيرا إلى أن معظم تصاميم المنازل الحالية لا تتناسب مع استقبال الضيوف في كل وقت، بعكس المنازل قديما التي كان أصحابها يهتمون بتخصيص جزء منها لاستقبال الضيوف.
ويرى محمد أبو سلمان أن "كثيرا من الأشخاص يعتقد أن اتصاله بالشخص الذي يود زيارته وهو في الطريق إليه يعد تحديدا لموعد مسبق للزيارة، وهذا يخالف الواقع، مؤكدا أهمية تحديد موعد مسبق للزيارات العائلية والشخصية في ظل إيقاع العصر، وضغوط العمل، والارتباطات العائلية.
في حين ترفض أم روان استقبال الضيوف بمنزلها دون موعد مسبق، معللة ذلك بأن الزيارات المفاجئة تسبب ربكة لجداولهم اليومية من رحلات تسوق وتنزه، بالإضافة إلى ارتباطهم بأعمالهم الأخرى.
وأضافت أن "هناك انخفاضا ملاحظا في نسبة الزيارات المفاجئة لدى النساء بعكس ما هي عليه عند الرجال، وأرى أن سبب ذلك أن السيدات يرفضن بطبيعتهن استقبال الضيوف فجأة بعكس الرجال الذين يجدون حرجا في رفض استقبالهم".
ومن جانبها ذكرت عميدة كلية علوم الأسرة للبنات بجامعة طيبة الدكتورة سها هاشم عبدالجواد لـ"الوطن" أن "الزيارات المفاجئة تتسبب في بعض المشكلات الاجتماعية المعقدة داخل الأسرة، مشيرة إلى تراجع هذه الزيارات لدى النساء مقارنة بالرجال، وذلك لاستخدام المرأة عادة التقنية الحديثة بوفرة، وحرصهن على تحديد موعد الزيارة بين الطرفين مسبقا، للظهور بالمظهر اللائق اجتماعيا وشكليا".
وترى الدكتورة عبدالجواد أن تصاميم المنازل لا تشكل عائقا أمام الزيارات إلا في الأماكن الضيقة، أو في إطار الأسر النووية الممتدة التي أصبحت الفردية السمة المميزة لها"، وذلك في ظل العادات العربية العريقة التي تهتم بالترحيب، والمحبة، والرغبة في تقبل الطرف الآخر.
وأضافت أن "انتشار المقاهي الرجالية ساهم أيضا في الحد من الزيارات بشكل عام، مما أسهم في نمو ثقافة مختلفة على المجتمع لا تخلو من انعدام التواصل والحميمية، وأصبحت فيها الزيارات ذات تكلفة عالية قد يتهرب منها الكثيرون لأجل أن لا يظهر فيها الشخص بمستوى أقل مما يحب".
وشددت عميدة كلية الأسرة على ضرورة نشر ثقافة الاستئذان مجتمعيا على كافة الأصعدة بدءا بوسائل الإعلام، وكذلك في المؤسسات الاجتماعية المختلفة عن طريق عقد محاضرات وندوات تحذر من ما قد تؤدي إليه الزيارات المفاجئة بانعكاسات سلبية على محيط الأسرة.