"ستاند أب كوميدي" فن قائم على النقد اللاذع لشؤون الحياة واستجلاب الجانب المعتم وتحويله إلى مادة للتندر والإضحاك، ويعرفه الكوميديان الأميركي المصري روني خليل بأنه "فن الإشارة إلى الجوانب الغبية في حياتنا التي اعتدناها، فنتوقف وننتبه ونضحك".
وصل هذا الفن إلى العالم العربي قبل 3 سنوات، لكنه موجود في أميركا والدول الأوروبية منذ الثمانينات الميلادية وقبلها كان معروفا في المسارح، حين يخرج الممثل عن النص ويخاطب الجمهور مباشرة، وهو فن يقوم على الارتجال والممثل الواحد، وعادة ما يعرض في المقاهي والمسارح الصغيرة.
وفي السعودية نجح بعض الشبان في اقتحام هذا الفن وأصبحوا نجوما بارعين، ومنهم من حقق من الشهرة ما لم يحققه فنان كوميدي جال المسارح وتعرق أمام عدسات الكاميرا سنوات طويلة، ولعل دخولهم من بوابة "اليوتيوب" في أوج المشاهدة عبر الإنترنت، كان له دور كبير في اختصار مسافة الوصول إلى الجماهير والجماهيرية.
لكن اعتماد "اليوتيوبرز" السعوديين على نقد المجتمع من خلال استعراض أخبار الصحف والتعليق عليها بسخرية وتشف، أو التقاط مقطع يوتيوب "غبي" والنيل منه ومن صاحبه، حصر كثيرا من انطلاق هذا الفن إلى فضاءات أرحب، وغيب قيمة الارتجال، الذي يعتبر أكثر ما يميز مبدعي هذا الفن.
ولأن "الستاند أب كوميدي" ما زال وليدا في حاضرتنا الثقافية والفنية، فقد حظيت معظم تجارب الشباب بالقبول والاستحسان، لكن بقاء كوميديانات هذا الفن في ذات الدائرة – التعليق على المادة - سيؤدي إلى استهلاك "النكتة" وبالتالي تراجع مستوى الفن الذي يقاتلون من أجل وصوله إلى كل الناس.
مهمة فنان "الستاند أب كوميدي" هي الابتكار والخلق، وهو ما يفعله المصريون، فجورج عزمي مثلا، يأخذ الجمهور في رحلة مع الضحك دون أن يستجدي المكتوب والمشاهد، وباسم يوسف الذي حضر بعدته وعتاده، يقدم أنموذجا متقدما في هذا الفن، متكئا على رصيد كبير من الحراك السياسي والمجتمعي، ثم يقوم بربط الأحداث وتفكيك الشخوص ورمي "الإفيهات" القاتلة.