للدول أحلام نفوذ، وهذا حقها، وللنفوذ أدواته، خصوصا في الشرق الأوسط، وهي المال والإعلام. وإنجاز أن تجد دولة من غير الكبار موطأ قدم في لعبة الأمم في المنطقة.

مر عامان على حدث غير وجه العرب للأحسن، أو للأسوأ، هناك خلاف.. ولكن الاتفاق أن العرب بعد الربيع ليسوا كقبله؛ ولأن للربيع عناوينه الجميلة الجذابة للشعوب، فكان دعمه وتبنيه خطوة هائلة لمن يريد توسيع نفوذه. كل هذا مفهوم في علم السياسة. ولكن ما لا يفهم أن تتبنى فكره وتؤمن به ولا تطبقه. فلا يمكن أن تجمع الاثنين، أن تؤيد نموذج الربيع، وتقاتل في الدفاع عنه، وفي نفس الوقت تدافع عن أنموذج حكم يختلف عن مطالبات الربيع الرافضة لهذا الأنموذج. كسرت القاعدة السياسية والإعلامية عند بعض الإعلاميين القطريين.. سنّوا أقلامهم، وصفصفوا تغريداتهم دعما للربيع منذ بدايته.. مجنسوهم ومواطنوهم.. لم يكلفوا أنفسهم ـ وهم يحتفلون بعد عامين من اعتناقهم فكرة سياسية ـ أن يذهبوا ليحتفلوا بها في دول الربيع المضطربة. إذا هي مصلحة لا قناعة.. فالإنسان يقاتل دون معتقده واتجاهه السياسي، خصوصا إذا كان براقا مثل الحرية.

الأسبوع الماضي، نسي إعلاميو الجارة العزيزة الدول التي أحرقوها بأقلامهم وإعلامهم، وركزوا حملتهم على دول الخليج، وكان تحريضهم واضحا، وكان أبرزهم في "تويتر" عبدالله العذبة.. لا بأس إن كان العذبة مقتنعا بالحرية، ولكني أسأله لو كانت أميركا شيوعية، هل سيقبل منها أحد نشر الحرية؟، ولو كان الاتحاد السوفييتي ليبراليا هل سيتبعه الشيوعيون؟، ولو كانت السعودية علمانية هل سيصدق أحد تطبيقها الشريعة؟. العذبة يريد نقل الربيع إلى الخليج، وهذا حقه ورأيه، ولكن لا بد أن تكون الريادة لبلده؛ كي يقتنع فيها الخليجيون ويتبعونها.. وندعوك ـ وأنت الآن مفكر الخليج الربيعي ـ أن تغرد من بنغازي أو سيناء أوصعدة.. لنقتدي بالنموذج في أبو ظبي والكويت والرياض والمنامة ومسقط.. ليست الدوحة طبعا.. حرام عليكم.. حلال علينا.