كثيراً ما نردد طموحنا بمجاراة العالم الأول، لنستفيد من سكانه في التعامل والتصرفات.. وأكثر من ذلك ما يردد على مسامعنا بأن نكون متحضرين كالعالم الأول.. وليس من المنطق أن نكون نحن كمواطنين من العالم الأول، بينما مؤسساتنا وشركاتنا قبل إداراتنا الحكومية تنتمي إلى العالم ما بعد الثالث.

ففي الوقت الذي يهتم الإنسان (هناك) بتقارير "الطقس" التي تشير إلى أن يونيو الماضي كان الأسخن في تاريخ الأرض، نهتم (هنا) بتعديلات جدول الرحلات الجوية، ونبحث عن جدول ينظم عمليات انقطاع الكهرباء عن مساكننا، لنقيم بناءً عليه جدولاً معاكساً نتنقلُ فيه بين منازل الأقارب والأصدقاء بحثاً عن مكيفٍ يلطف حرارة الجو ويجفف العرق. ويخرج علينا مسؤول يتهمنا بأننا السبب، وآخر يتهم الإعلام بالمبالغة والتضخيم.

نطمح أن نكون من العالم الأول، ومسؤولونا يحتفلون بـ 21 مستشفى نالت شهادة الاعتماد المركزي لجودة المنشآت الصحية، بينما المريض يهرب من بعض تلك المستشفيات التي شملتها القائمة إلى مستشفيات العاصمة ولا يجد سريراً. ويقول الخبر الاحتفالي إن الشهادة جاءت من خلال إخضاع المنشآت لأكثر من (881) معياراً دوليا. يجب أن نسكت بعد كل هذه المعايير.

نطمح أن نقترب من العالم الأول، بينما تعليمنا الذي يضع "التطوير" عنواناً له لا يعرف إلا تغيير الكتب، ولا يزال كثير من مدارسه تنتظر المعامل والمختبرات والصالات الرياضية، ويجتهد المسؤولون في زيادة أعداد الحصص وأحجام الكتب. ألا تعلم الوزارة أن الطلاب يكرهون المدارس؟

الطرق لدينا هي أيضاً لا تعرف العالم الأول ولم تشاهد طرقاته، فكيف نطمح ممن يستخدمها أن يكون من العالم الأول في تصرفاته وتعاملاته؟

هل تعتقدون أن مسؤولي الطرق يستخدمونها أثناء سفرهم أم أنهم يستخدمون طرقاً جوية؟