المرأة السعودية وليدة مجتمع موغل (ظاهريا) في المحافظة حتى بالقياس مع جيرانه من دول مجلس التعاون الخليجي، لذلك فهي في الغالب امرأة محافظة جدا، بغض النظر عما إذا كانت هذه المحافظة نابعة من قناعة ذاتية أم أنها مفروضة من قبل الأوصياء من الرجال أو من المجتمع بأكمله عاداته وتقاليده وأعرافه .. الذي ابتعد في الكثير من مظاهر هذه المحافظة عن الدين الإسلامي بتوجيهاته وتعاليمه فيما يخص المرأة وحجابها مما هو في الأصل نقطة خلاف واختلاف بين العلماء. فهي واقعة تحت سلطة وهيمنة الإرادة الجمعية.
لكن المثير للاستغراب والدهشة ورغم هذه المحافظة الظاهرة نجد قصص ابتزاز الفتيات السعوديات تملأ صفحات الصحف والمجلات بشكل فاق المتوقع بكثير حتى وصل إلى ابتزازهن من قبل غير السعوديين من المقيمين وغيرهم .. خاصة مع ظهور أساليب الاتصال والتواصل المرئي منها والمسموع ولو تأملنا هذه القصص لوجدناها تدور حول (الصورة) حيث تبتز الفتاة السعودية دائما بصورتها حتى لو كانت مجرد صورة عادية التقطت لها في مكان عام (والتي تضعها مثيلاتها من غيرالسعوديات على صفحات الفيسبوك للتشارك مع الأصدقاء والصديقات في متعة الحدث) والمقابل المطلوب منها النقود دائما، وتدفع الفتاة الواقعة تحت تهديد الابتزاز كل غال ونفيس من أجل الحصول على الصورة حتى لتدفع في سبيل ذلك ما هو أغلى من الصورة بكثير. لأنها تدرك أن مجتمعها المحافظ (جدا) لا يقبل بانتشار صورة إحدى بناته علانية، إذا لماذا فرطت في صورتها (في أوضاع غير لائقة) أحيانا وهي ابنة هذا المجتمع؟
هذا يقودنا إلى استنتاج بسيط مفاده أن هذا المجتمع المحافظ الذي يحرم على بناته النقاب وعباءة الكتف ومحادثة الرجال الأجانب ويعلمهن أن العورات كثيرة ومنها صوتها ووجهها ورنة كعبها ورائحة عطرها، لم ينجح في زرع القيم التي تمنعها من ممارسة هذا كله حتى في غياب الرقيب، وإنما اكتفى بجعلها تتلفت يمينا ويسارا وإلى الخلف قبل أن تضغط زر الإرسال لتبعث بالأداة التي سوف يستخدمها المجرم المتربص بها لقتلها، إن أغلب الفتيات اللاتي ضبطت صورهن في أوضاع مخلة مع هذا أو ذاك ممن وقعوا في قبضة الهيئة، أو ممن لجأن بأنفسهن إلى الهيئة لتخليصهن من أسر الابتزاز بالصورة أغلبهن إن لم يكن جميعهن يرتدين العباءة وغطاء الوجه وبشكل محافظ جدا ومبالغ فيه أحيانا.
لذلك يجب على الآباء والأمهات وقبل فرض الأوامر والتوصيات فيما يتعلق بالعفة والستر والمبالغة فيها أن يلجؤوا إلى إلقاء بذور هذه العفة في نفوس بناتهم ورعايتها واستنباتها، حتى يكون الرقيب ذاتيا وداخليا يؤدي عمله كما يجب حتى في غيابهم.