عايض الميلبي - ينبع


إن المتتبع للقاءات وحوارات الكثير من المسؤولين عبر وسائل الإعلام المختلفة يجد أن أغلب إجاباتهم التي يدلون بها ردا على التساؤلات والاستفسارات المطروحة عليهم تبدأ بكلمات مكررة من قبيل "العمل جار، سوف نعمل، هناك خطة، ثمة دراسة..." ما يعني أن إنجاز الأعمال والمهام في وقتها المحدد وبالصورة المرضية من قبل الإدارات والمؤسسات التي ينتمون إليها أمر يثير علامات استفهام حائرة ومحيرة لمن يتلقاها. وأظن أن ثمة ممن أُوكلت إليهم مهمة ما، حينما تسلط عليهم الأضواء يحاولون الظهور للملأ في أبهى حلة، ولا يجدون في جعبتهم ما يسند بغيتهم؛ لذلك هم يلجؤون لأبواب الطوارئ من خلال التسويف وتضخيم المنجز مهما صغر هروبا من مواجهة الحقائق. ولا غرو أن عدم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، إضافة لعين الرقيب المتسامحة واستشراء المحسوبيات وزد على ذلك جانب أهلية الموظف ومناسبته للمنصب الذي يشغله، كلها وغيرها تعتبر عوامل مساعدة لضحالة العطاء وقلة الإنتاج. وكون الرئيس لا يقدر ولا يستشعر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه فإن ذلك سوف يؤثر سلبا على ما يقدمه مرؤوسوه من خدمة.

وما يفترض من كل مسؤول إدراكه جيدا أن المنصب ليس وجاهة أو تلبية لحاجات نفسية خاصة، بل إن ذلك يتطلب جهدا وعملا دؤوبا وإخلاصا في السر والعلن، وكلما كبرت المسؤولية زادت التحديات وتشعبت وأصبحت الحاجة ماسة لمن هو جدير بالتحدي.

ولا يخفى على الجميع أن نطاق التأثير سلبيا كان أم إيجابيا يتباين تبعا لتباين المستوى الوظيفي، حيث إن تأثير مدير الفرع يعد محدودا مقارنة بالمدير العام المسؤول عن كافة الفروع، وهذا المثال ينطبق على مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، ولأن معطيات العصر قد تغيرت ووسائل الاتصال قد تعددت ولم تعد المعلومة الأكيدة حكرا على أحد، فإن أسلوب التظاهر بما يخالف الواقع لم يعد مجديا، ثم إن المجتمع بات أكثر وعيا ويستطيع أفراده تقييم عمل المسؤول من خلال ما يشاهدونه على أرض الواقع.