في موقع Keek وضعت فتاة مبتعثة مقطعا لها في جامعتها الكندية، بدأته بقولها مستهزئة: "تستري يا مرة.. تغطي"، ثم توقفت قائلة بثبات: "أسلوبكم الحقير ذا ما ينفع بي". تلقت الفتاة في الواقع هجوما شرسا خصوصا من الفتيات اللواتي يردن تأكيد شرفهن وإيمانهن عبر وصف أي أخرى بالفسق والانحلال والكفر، كما يحدث عادة في مجتمعنا، حيث يصبح موضوع كهذا فرصة لإثبات التزامك الديني.
لا أحد توقف عند نقطة أن الفتاة لم تعلن اعتراضها على الحجاب، بل أعطت إشارة صريحة وإجابة واضحة لكل من سيسألها لم تبدو كفتاة غربية وليس كفتاة مسلمة، بل إنها في مقطع آخر هاجمت من قذفها، وقرأت آيات من القرآن قراءة جيدة لا أشك معها أنها تربت في بيئة متدينة، مما يعيدنا لجملتها الأولى.. قالت: "أسلوبكم"؛ أي أسلوب تعرضت له الفتاة جعلها تحمله في قلبها وذاكرتها.. جعلها تتفجر غضبا وتملك جرأة تصوير وعرض مقطع تبدو معه مثل ما نقول بالعامية "بايعتها"؟.
دعونا نعيد قراءة آيات الحجاب وهي: (يا أَيها النبِي قل لأَزْواجِك وبناتك ونساء الْمُؤمنين يُدْنينَ علَيهِنَّ مِن جلابِيبِهِنَ ذَلك أَدنَى أَن يُعرفن فلا يُؤذَين وكان الله غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 59).
نلاحظ في الآية أن الله برر الأمر بالحجاب، وجعله منطقيا لكل نساء الأرض فقال لها: حتى تعرفي وتتميزي عن غير المسلمات والجواري؛ فلا تؤذيك نظرات الرجال، وفي ذلك احترام لعقلها واشتغال على ذاتها، بحيث تعرف قيمة نفسها بنفسها، وأنها حرة عفيفة جسدها ليس للفرجة. ولم يقل لها: أنت فتنة ستفسدين المجتمع، وتضيعين المجتمع، وتقضين على صلاحه، ولم يقل: "يا مرة.. يا حرمة"، بل أضافهن لرسوله صلى الله عليه وسلم "أزواجك- بناتك" وأضاف الباقيات للمؤمنين، إشارة للقرب، وفي ذلك تودد جميل وراقٍ جدا.
نحن نفتقد مثل هذا الأسلوب، وتواجه النساء يوميا مواقف تحمل الكثير من العدائية للنسوية، وخصوصا ممن يفترض أن يحظوا بمحبة واحترام المرأة، وهم الدعاة، وأصبح من المعتاد تهجم أحدهم على أعراض النساء، وبخاصة بعض المثقفات؛ لأنها تهاونت في أمر الحجاب، أو لأن رؤيتها له تختلف عن الفقيه الذي يؤمن بآرائه في مسألة كشف الوجه. وهذا أوصلنا لمرحلة أصبح فيها معاداة بين الدعاة وكثير من النساء، وبخاصة المثقفات والمتعلمات ممن يمتلئن اعتزازا بذواتهن ويرفضن التهميش، وقد فقدهن مجتمعنا في مرحلة ما وهن الآن يعدن بقوة، وخصوصا مع وقوف خادم الحرمين الشريفين مع النساء، وإحقاقه للحق بعودة المرأة المسلمة التي استُشيرت ووثق برأيها منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
الفتاة التي ظهرت في المقطع سيتبعها الكثيرات، بل هناك فعلا من تخلت عن حجابها، وبدلا من أن تنطلق من دينها للتميز، قررت أن تكون قاعدتها غربية بالكامل، وليس ذلك نقصا في الدين بل جاء غضبا ورفضا لأصحاب هذا الأسلوب، وهناك من هو على استعداد لاحتضان هؤلاء الرافضات، وقطعا هو ليس داعية إسلاميا.