قبل 2008 لم يكن المجتمع مطلعاً على أية قضايا تتعلق بكتّاب العدل.. في ذلك العام - إن لم أكن مخطئاً - بدأ الإعلام المحلي في الحديث صراحةً عن الاتهامات الموجهة لكتّاب العدل، وبدأ في نشر أخبار محاكمات بعضهم ومواقع عملهم بالتحديد. أزال الإعلام هالات القداسة التي تحيط بكاتب العدل. هذا أمر جيد من وجهة نظري.

قبل فترة قلت إننا نحن الذين ساعدنا كاتب العدل أن يختلس.. نحن الذين منحناه الضوء الأخضر، حينما وضعناه في مربع النزاهة المطلقة، لا يضعف ولا يلين ولا تأتيه الشبهات من أي جانب.. وآخر ما وصلت إليه حينها هو ضرورة وضع كاتب العدل تحت القانون ومساءلته.. على الأقل كل ثلاث سنوات نسأله: من أين لك هذا؟!

بعد ذلك بعث لي كثير من كتّاب العدل الكرام - بأدب جم - بمقال قديم لي قبل خمس سنوات أتحدث عن أوضاعهم الوظيفية، وكيف أنه يشترط في كاتب العدل ما يشترط في القاضي وكيف أن كاتب العدل يخضع للتفتيش القضائي كالقاضي، وكيف - أيضاً- أن أعمال كاتب العدل تعد جزءا من أعمال القاضي، ولديه من الأعمال الشاقة الشيء الكثير ولكن شتان ما بينهما في الراتب!

بعضهم زعم أن هناك تناقضا بين المقالين.. مؤكدا يعجبني الذي يرد عليك بهدوء دون تشنج.. والذي يحتج عليك بعقل وتعقل.. والذي يحاول أن يدينك من فمك.. فقط أؤكد - حتى يزول اللبس - أن الذي يطالب بإزالة القداسة والحصانة عن كاتب العدل الشهر الماضي، هو الذي كان يطالب بإنصاف كاتب العدل وتحسين وضعه المادي والوظيفي قبل خمس سنوات.. ولا تناقض ولا تعارض بين ما قيل قبل خمس سنوات وما قيل قبل شهر!