أتمنى على الإخوة المتحمسين، من أعضاء مجلس الشورى، لزيادة المكافأة الطلابية لطلاب الجامعات ألا ينظروا للأمر من باب الفزعة أو البطولة الشعبوية. مئتا ريال مقترحة في جيب الطالب الجامعي نهاية الشهر لن تحل على الإطلاق حتى نصف فاتورة جواله ولكن هذه - المئتي ريال- هي ثلاثة مليارات ريال في نهاية السنة المالية. هنا يبدو سؤال المنطق: هل نستثمر في مئتي ريال من أجل أبنائنا من مئات الآلاف من طلاب الجامعة، أم نستثمر لهم ومن أجلهم في ثلاثة مليارات لثلاثة أعوام فقط؟ أولا، أنا ضد تحميل زمن الطفرة بعض قراراتنا الارتجالية التي لن يستطيع زمن قادم أن يحملها وقد جربنا هذا في فترات سابقة فالجمل الذي يستطيع اليوم عبء زيادة الأحمال قد لا يستطيع أن يتحملها في نصف الطريق الطويلة القادمة. ثانيا، وما دام أن الأساس هو الاستثمار الحقيقي لمصلحة هؤلاء الشباب فلنسلك المعيار العلمي بدلا من مقترحات الارتجال لأنني واثق أن الذين يقدمون المقترح على طاولة مجلس الشورى لم يرفقوا مقترحهم بورقة علمية إحصائية دلالية واحدة. وفي المعدل، ستكلف الزيادة المقترحة ثلاثة مليارات ريال في العام الواحد فيما نصيب الطالب الواحد منها لن يتعدى ألفي ريال في كل العام. ومن المؤكد تماما أن طالب الجامعة اليوم يدفع في أفضل الأحوال وأقلها خمسمئة ريال في الشهر أجرة لغرفة سكنية في طرف ناء من المدينة ومن المؤكد أن تكلفة إسكانه ومواصلاته تستهلك ثلثي مكافآته الهزيلة بالفعل. ثلاثة مليارات ريال في ثلاثة أعوام فقط تستطيع تأمين غرفة سكن جامعي معقولة بجوار سور الجامعة، إذا ما أحسنا التدبير، ولكل طالب جامعي ونحن بهذا نضرب حزمة العصافير بعصفور بدلا من حجر ميت: نضمن للطالب الجامعي توفير ثلثي مكافآته التي تضيع في فواتير الإسكان، بدلا من أن نقترح له اليوم ربع – فراطة – بائسة، ونضمن مع ذلك استدامة لعائد هذه المليارات، ولو أننا نحسن الاستثمار لتوارث طلاب اليوم ذات - السكن- لأبنائهم في المستقبل، وهو ما كان حقيقة قائمة واسألوا إسكان جامعات الملكين سعود وفهد وكيف توارثتها أجيال متلاحقة. هذا هو المنطق إذا ما أردنا منفعة حقيقية. أسهل شيء هو المقترح وأصعب الأشياء هو الدلالة والإحصاء والدراسة العلمية.