من أطول الأسابيع التي مرت علي في الغربة كان الأسبوع الماضي، لما حمله لي من متناقضات، إذ بدأ معي بحنين إلى عائلتي كاد يعود بي إلى أرض الوطن، وعندما انتصف أهداني مجموعة أخبار أرسلت إلى إشارات مختلفة، كخبر تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى.

لا أنكر أن هذا الخبر أسعدني وأعطاني أملا في تحقيق أمنيتي المجردة التي سبق أن كتبت عنها في مقال سابق، وهي: "أن أصبح أول وزيرة"، و ما أعطاني الدفعة الحقيقية هو أن حرف الـ"د" يسبق أسماءهن، فقلت في نفسي إن هذا أيضاً يزيد من فرصتي، مما جعلني أهنئ الدكتورة ثريا العريض في تويتر بتغريدة تقول: (مبروك دكتورة ثريا، بكم يمكن لأمنيتي المجردة أن تتحقق)، لكن مع ازدياد الأصوات على التأكيد بأنه سيخصص مكان لجلوس المرأة، وكذلك بوابة خاصة للدخول والخروج في قاعة المجلس الرئيسة، أماكن مستقلة تماماً عن الأماكن المخصصة للرجال، تذكرت وقتها أقسام النساء التي توجد في أغلب الدوائر الحكومية، مثل المدارس، الجامعات، الجوازات وغيرها من الأماكن التي تضطر المواطنة للتعامل معها لإنهاء معاملاتها، ولكي لا يتم فهم كلامي بأنني لست مع الأقسام النسائية وأنني ضدها، بالعكس تماماً فأنا أرى وضع قسم خاص بالنساء لغرض التسهيل علينا، ولطبيعة المرأة السعودية، فهي تتحدث براحة وصراحة مع بنات جنسها لشرح مطلبها بطريقة أفضل، لكن من خلال تجاربي في الذهاب للأقسام النسائية، مع الأسف دور المرأة يتلخص بكونها حلقة وصل بين الموظف الرجل والمراجعة المرأة فقط لا غير، وليس بيدها اتخاذ قرار أو حتى إعطاء رأي، وهذا ما كان يدفعني للتساؤل الدائم: لماذا تحتاج الموظفات في الأقسام النسائية إلى ترديد هذه العبارات: "والله القرار عند الرجال" أو: "المعاملة لازم تروح للرجال" أو: "ما عندنا صلاحيات" إلخ...؟

هل لأنها كما يحب أن يردد البعض عنها في كل مناسبة، ودون معرفة موضع الاستشهاد: (ناقصات عقل ودين) أو (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، دون معرفة معنى ما يرددون!

فالرسول صلى الله عليه وسلم قائل الحديثين السابقين، أول ما نزل عليه الوحي هدأت من روعه امرأة، و نصرته امرأة، واستشار امرأة.

خذوا مثالا من تاريخنا السعودي؛ وهو دور موضي بنت محمد بن عبدالله بن سويلم العريني زوجة محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى التي أشارت على زوجها بأن يدعم ويساعد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بقولها: "هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به" وبسببها حدث التحالف.

وعندما انتهى الأسبوع، أهداني خبراً مفرحاً بأنه من المتوقع أن يتم تأجيل أول جلستين من جلسات مجلس الشورى في الدورة السادسة إلى أن تكتمل عملية تجهيز مقرات العضوات وكيفية دخولهن وخروجهن من المجلس، وكلي أمل وأمنيات بألا يعني ذلك ـ بإذن الله ـ أن تكون المرأة في مجلس الشورى "قسما نسائيا" فقط.