عين المصور وعدسة الكاميرا عنصران مكونان للوحة جميلة ورائعة في العمل الإخراجي الفني، وتكمن أهمية المصور في تجسيد المشاهد التلفزيونية لإبراز الشكل الجمالي، سواء كان المشهد خارجيا أو داخليا مع تكوين عناصره التفصيلية. الديكور، الإضاءة، الأشخاص في المنظور،

والمصور المحترف هو من يجسدها من خلال عدسته بمهارته الحسية الفنية، عبر تحكمه في الكاميرا وحركتها ومدى توظيفه لفتحة العدسة و"فلاترها" الذي يتطلبه تصوير المشهد.

المصور هو عين المخرج في تجسيد المشهد الذي رسمه في سياق السيناريو أو"الستري بورد" المرسوم، وعادة في الأعمال الاحترافية مثل الأفلام السينمائية، ففي كثير من هذه الأعمال يعتمدون على رسم المشاهد بجميع تفاصيلها من خلال رسومات "الاسكتشلت" قبل البدء في تصوير أعمالهم حتى يبرز العمل بشكل انسيابي وجميل بجميع تفاصيله، ومن ثم يأتي دور مدير التصوير والمصور لتفعيل هذه "الاسكتشلت" بشكل جذاب له متعته وله أبعاده كما هو حال المصور الفوتجرافي حينما يلتقط صورته بحسه الفني؛ لأنه يعد في الأصل فنانا تشكيليا، ولكن فرشاته هي الكاميرا. لذا فالاهتمام بالمصور وإعطاؤه حقه الأدبي والمعنوي والمادي في رأيي سيدفعه للإبداع أكثر، بشرط أن يكون في مستوي التطلعات.

لكن الملاحظ مع الأسف في كثير من الأعمال التي شاهدتها أو وقفت على تصويرها، أنه لا يوجد في المصور أي من هذه الأبجديات، وأخص بالذكر المصورين السعوديين، إذ يعتمد أحدهم على وضع الكاميرا والعدسة على نظام الأوتوماتيك الذي يسهل عليه عناء توظيف فتحة العدسة وكمية الضوء الداخل عليها، وهذا النوع من المصورين يعتمد في الأصل على دورة لا تتجاوز أسبوعا ليحمل الكاميرا ويدعي أنه مصور.

نحن بحاجة إلى اكتشاف مواهب جديدة لها دراية كاملة بالتصوير، وأن يكون بين المصور وعدسة الكاميرا علاقة تحكمها أحاسيس فنية لا يمكن فصلها، وأن نكرس جهودنا في فتح أكاديميات تخرج لنا مواهب قادرة على سد الثغرات في جميع عناصر الإنتاج، وأن نجعل السعودة التي تنادي بها وزارة العمل واقعا في هذا المجال.

وأخيرا فقد كشف لنا "يوتيوب" كثيرا من المواهب التي يشار إليها بالبنان، هذه المواهب أتمنى أن تطفو على السطح الإنتاجي، وأن نرى لها أعمالا كبيرة على الشاشة الأم.