حينما انطلقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، استقبلها الرأي العام بنوع من التقدير الخاص.. هناك من استقبلها بنوع مبالغ من التفاؤل فذهب يراهن أنها ستبدأ خلال أسابيع في سحب اللصوص والمفسدين نحو السجون.. هناك من نسج حولها الأساطير، وأن الهيئة ستجعل من الفساد والمفسدين درساً في كتاب التاريخ!

ما الذي حدث اليوم؟ إذا ما تجاوزنا أن الهيئة لم تنجح - حتى الآن على الأقل - في كشف أي مسؤول فاسد، صغيراً كان أم كبيراً، سعوديا كان أم غيره، ولم تنجح في كشف أي شبكة فاسدة في البلد محلية أم أجنبية، على الرغم من كونها تحظى باستقلالية تامة وصلاحيات واسعة جداً.. فهي حينما تتحرك تغدو كالطوفان الذي يقتلع كل ما هو أمامه.. إذا ما تجاوزنا ذلك كله فإن هناك من يزعم أن هيئة مكافحة الفساد فقدت هيبتها السابقة!

الأب حينما يهدد ابنه بالعقاب ولا يفعل، أهون مئة مرة من أن يعاقب عقابا ناعماً لا يردعه بقدر ما يدفعه لاستمراء الخطأ واستمراره.. هكذا الهيئة.. تحركت ونطقت فما الحاصل؟! - حرب بيانات عشوائية متبادلة مع الأمانات والبلديات.. قصف متبادل في منطقتي الشمال والوسط.." اضرب واهرب".. آخرها يوم أمس حينما قامت بالرد على رئيس بلدية عنيزة الذي قصف الهيئة بصاروخ أرض جو، حينما قال إن عمل الهيئة لا يعدو إحالة القضايا للجهات المعنية، وإنها لا تملك قرار كف يد أو عقاب أي موظف!

ملخص ما سبق: يبدو أن هناك مشكلة لا نعرف كنهها، تعطل عمل الهيئة.. إما في نظام الهيئة وصلاحياتها.. أو أن المشكلة في طريقة إدارتها!