من يتابع المقالات التي يشنها بعض الكتاب في الصحافة السعودية ضد الهيئة العامة للاستثمار أمثال الأستاذ داود الشريان، يحس أن هناك أزمة ثقة في كل ما تقوله الهيئة من قبل المثقفين والمهتمين بالشأن الاقتصادي.

وأزمة الثقة هذه منبعها أسلوب هيئة الاستثمار في التعاطي مع الإعلام والطريقة التي يتم فيها إبراز مجهوداتها التي لا تخفى على المختصين والمصرفيين وكبار الاقتصاديين في البنوك و"كبار المتابعين" ولكنها تخفى على المواطن البسيط الذي قد لا يعرف أهمية الهيئة ودورها الهام في توفير فرص العمل له ولابنائه.

إذ يستحيل أن يثق الإعلام "ثقة عمياء" كالسابق بكل ما تقوله الهيئة بعد الهدوء الكبير الذي شهدناه مؤخراً في ظهورهم الإعلامي بعد تباطؤ العمل في مشروعاتها.

لقد عودتنا الهيئة قبل "استفحال" الأزمة المالية العالمية أن تخرج علينا نهار مساء ببيانات صحفية وأخبار ولقاءات ومقالات، جعلتنا نحس بأن العام 2010 هو نهاية طوابير البطالة بعد إقلاع المشاريع التي تروج لها، وأن دخل الفرد فيه سيقفز لا بفضل ارتفاع أسعار النفط بل بفضل الاستثمارات والمشاريع ذات القيمة المضافة التي طال الحديث عنها ولم نر لها حتى الآن أثرا كبيرا رغم أننا نعيش في 2010.

وبعد سنتين من الصمت و"اعتزال" الإعلام، تظهر الهيئة من جديد على طراز أحد أجزاء فيلم حرب النجوم (The Empire Strikes Back) لتروج للمزيد من النجاحات بعد صدور تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" والذي أظهر تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة بنحو 7% إلى 133 مليار ريال في العام الماضي الذي شهد كذلك تضاعف أو "تدبيل" الاستثمارات الأجنبية إلى قطر بنحو 112% من 4.1 مليارات إلى 8.7 مليارات بناءً على نفس التقرير ومن نفس الجهة.

لم تشرح لنا الهيئة كيف تراجعت الاستثمارات لدينا ولم تقل لنا كم فرصة عمل للسعوديين تم تحقيقها العام الماضي من خلال الاستثمارات التي تم اجتذابها وكم فرصة ضاعت نتيجة للتراجع واكتفت بالاحتفالية بهذه التصنيفات التي لا يفهمها المواطن البسيط الذي لا يهمه إذا كنا ثامناً أو أولاً بقدر ما يهمه كم وظيفة سيرى لابنائه الذين يجوبون البلاد في هذا الصيف ممسكين بملفهم "العلاقي الأخضر" الذي تعلقت به مصائرهم بحثاً عن لقمة عيش.كل ما أقوله للأستاذ داوود الشريان ولغيره من الكتاب والمتابعين إن الهيئة لا تكذب علينا ولكنها لا تقول الحقيقة كاملة وتتناولها بطريقة "احترافية" تجعلنا نرى صوراً مختلفة عما نريده ونعرفه ولكنها أيضاً حقيقية.

وإذا أرادت الهيئة أن يكون دور الإعلام مكملاً لدورها فعليها "الاحتفال" بالصور الإيجابية وعلينا "التركيز" على النواحي الأخرى وانتقادها ويجب أن يتم هذا "بدون زعل يا هيئة الاستثمار" لأننا نعمل كلنا من أجل نفس الهدف.