بدأت الدورة السادسة لمجلس الشورى، وكلنا أمل ودعاء بأن تحمل بين طياتها ما يمس المواطنين وهمومهم وأن تكون استثنائية الأداء كاستثنائية دخول المرأة وعضويتها للمرة الأولى.

ما إن تم الإعلان عن التشكيل الشوري حتى طفا على السطح أمران جديران بالدراسة والحل قبل أن ينغمس المجلس في جلساته ومراجعاته لتقارير الوزارات وينقطع عن الواقع ومطالب المواطنين كما حصل أحيانا في دوراته السابقة.

الأمر الأول؛ هو انتشار التساؤل عن ماهية مجلس الشورى وماذا يمثل ومن يمثل حتى إن البعض شن الحملات مستغلا ضبابية نقص الوعي المجتمعي بصلاحيات المجلس ليقودوا حربا شعواء ضد المجلس بأنه لا يمثلهم في استغلال لمحدودية قدرة أعضاء المجلس على رصد احتياجات المواطنين واستغلال لثغرة الوعي بأن المجلس، والذي وإن كان يستقبل العرائض، فإن صلاحياته هي إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة وقطاعاتها حسب ما يرد إليه وللجانه المختصة كما نصت عليه المادة الخامسة عشرة من نظام مجلس الشورى مع العلم بأن للمجلس اقتراح مشروع نظام جديد أو اقتراح تعديل في نظام نافذ كما نصت المادة الثالثة والعشرون وهو ما سيمهد للأمر الثاني وهو ضعف آلية ترجمة الاحتياجات المجتمعية للمجلس وأعضائه حتى يتسنى لهم الاقتراح أو التعديل.

لعل بداية الدورة السادسة تكون فرصة مناسبة ومواتية لإضفاء صبغة واقعية على علاقة المجلس بالمجتمع وعلاقته بالوزارات التي لطالما كانت وثيقة وسلسة على عكس نظيرتها المجتمعية.

بداية الدورة السادسة تعد وقتا ذهبيا لإقرار نظام المؤسسات والجمعيات الأهلية حتى يتسنى لها بأن تكون حلقة الوصل المفقودة في علاقة المجلس بالوزارات، فمراجعة التقارير في معزل عن صوت النقابات والجمعيات الأهلية هو ما أوقع المجلس في عدة مرات سابقة في حرج أمام الجمهور، لأن ما يرد إليه من الوزارات غالبا ما يكون مبتورا، مما يضطر بعض اللجان إلى أن تقوم بمحاولة الوصول للمجتمع ولكن كيف يتسنى لهم الوصول للملايين من المواطنين والمقيمين من دون جمعيات ومؤسسات أهلية تقوم بتمثيل الاحتياجات وترجمتها للمجلس ولغير المجلس.

حل الأمر الأول يكمن بإقرار الثاني، فمع أن مجلس الشورى بحاجة فعلا لحملة توعية مجتمعية عن صلاحياته وكيفية إدراج المواضيع على أجندته وأجندة اللجان المتخصصة ليفهم المواطن حقوق وواجبات مؤسسات الدولة كالشورى، وبالتالي يقلل من فرص انسياقه وراء من يستغل الثغرات التوعوية، علما أو جهلا، إلا أنه أيضا من المهم فتح القنوات التي تسمح للمواطنين بتقديم أنفسهم واحتياجاتهم وتسمح لمجلس الشورى بأن يرى البعد الغائب في تقارير الوزارات وهو رأي المواطن في الخدمات وترتيبها وأولوياتها.

لدى مجلس الشورى ثلاث عشرة لجنة باختصاصات مختلفة تغطي غالبية مؤسسات الدولة وقطاعاتها ولعل إقرار النظام للنقابات والجمعيات الأهلية المختصة وتوأمتها بنظيراتها من تلك اللجان يكون النواة للبدء في بناء قاعدة عريضة من النقابات والجمعيات الأهلية والتي ستعكس احتياجات المجتمع وتقوم برصد مواطن القصور والتخادل والتي يحتاجها مجلس الشورى عند مراجعته تقارير الوزارات.

هذه التوأمة بين لجان الشورى ونظيراتها من النقابات ستكون فرصة لتفعيل دور الشباب والشابات وسابقة لهيكلة حوار واقعي بين الخبرات الشورية والرصد اليافع من طاقات شابة لها القدرة على نقل الواقع وجلبه لطاولة اللجان المتخصصة التي لن تستطيع على فعل ذلك بشكل فاعل بأعداد أعضائها وصلاحيتها المحدودة.

هذه التوأمة ستساعد في خلق قيادات مستقبلية للقطاعات المختلفة تكون قد عاشت الواقع وحاورت التشريعيين ورصدت أداء التنفيذيين، وواجهت الصعوبات واستشعرت قيمة الموارد وارتقت فوق الصورة النمطية للمؤهلات.

الجدير بالذكر أن هذه التوأمة لن تكون فاعلة ما لم يتم فصلها فلا يمكن لهذه النقابات العمل على أكمل وجه وهي غير مستقلة تنظيميا عن مجلس الشورى وإلا فإنها ستختزل لتصبح مجاميع بحثية بحتة لخدمة أعضاء اللجان المختصة وهو البعيد جملة وتفصيلا عن مهام النقابات والجمعيات الأهلية.

الدورة السادسة لمجلس الشورى أكبر من مجرد دخول المرأة السعودية كعضو كامل بل هي فرصة ذهبية لإنجاح هذه السابقة التاريخية بإقرار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية والبدء بالخطوة الأولى بتوأمة النقابات واللجان الشورية.