يرى المؤرخ والمستشار في الهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور علي المغنم أن منهج الشيخ محمد بن عبدالوهاب هو عدم تكفير أهل القبلة، مضيفا أن "من انتقد الشيخ وادعى أنه كفّر فئات من الناس مخطئ لأن المتتبع لدعوته يتأكد أن ابن عبدالوهاب كان لا يكفر أهل القبلة أبدا".

جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها أمس في خميسية حمد الجاسر في الرياض وأدارها الدكتور راشد القحطاني بعنوان "الدرعية التاريخية منطلق الدعوة الإصلاحية"، تحدث خلالها المغنم عن ثوابت الدعوة الإصلاحية عند الشيخ محمد بن عبدالوهاب.

وأضاف المغنم أن الشيخ كان بعيدا رحمه الله عن الغلو، مستشهدا ببعض مضامين الخطاب الدعوي لمحمد بن عبدالوهاب الشمولية التي تضمنت التجديد في الفكر الدعوي والاحتساب في الفكر الخطابي وكذلك الفكر التربوي والصدق والالتزام به، والبعد عن الإقليمية.

وأضاف: أن ابن عبدالوهاب كان على مذهب الإمام أحمد بن حنبل "لكن إذا ثبت له صحة الحكم في أي مذهب آخر من مذاهب أهل السنة والجماعة أخذ به".

ووصف المغنم الذين استغلوا كلمة الوهابية وربطوها بالتشدد والتكفير بـ"الحاقدين"، لافتا إلى أن حسن بن محمد بن عبدالوهاب أول من استخدم كلمة الوهابية في كتابه عن الحركة الإصلاحية.

وتابع "أن فكر الدعوة الإصلاحية التي دعا إليها ابن عبدالوهاب لا تفصل بين الدين والأخلاق والسياسة، عارضا جانبا من جوانب الحياة السياسية قبل الدعوة الإصلاحية وهو فساد الحكم الذي أدى إلى تردي الأوضاع في مطلع القرن الثاني عشر من الهجرة لافتا إلى أنه وعلى مدى 76عاما ارتبطت الدعوة الإصلاحية بالدرعية.

وأكد الدكتور المغنم في حديثه إلى "الوطن" أن هيئة السياحة والآثار بدأت منذ فترة في تطوير عدد من المواقع الأثرية في محافظة الدرعية التاريخية ومنها تطوير حي البجيري وإعادته لمجده التليد في المحافظة ومسجد حي طريف الذي سيبقى على ما هو عليه وسيخصص جزء منه للزيارة والتعرف على ما يحويه من آثار.

وأوضح أن التطوير في الدرعية يشمل أيضا إنشاء قاعة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التاريخية التي صممت لتكون ذات مواصفات عالمية وينتظر أن تصبح حال الانتهاء منها مجالا للباحثين والعلماء للاطلاع على دعوة ابن عبدالوهاب وكذلك الحياة السياسية والاجتماعية والدينية للدرعية في ما قبل الدعوة الإصلاحية وبعدها، مشيرا إلى أن العمل جار الآن أيضا في متحف المحافظة الذي يحوي تراث الدولة السعودية فضلا عن إنشاء متحف للخيول وآخر في قصر سلوى للدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة.

ولفت المغنم إلى أن برنامج تطوير الدرعية من البرامج الرائدة للحفاظ على تراث الدرعية والوصول بها إلى المأمول.

وتطرق المغنم في حديثه للطبيعة الجغرافية للدرعية وموقعها التاريخي المهم لانطلاق الدعوة الاصلاحية وكذلك الدولة السعودية الأولى متحدثا عن حي طريف التاريخي في المحافظة.

وشهدت المحاضرة مداخلات من عدد من الحضور حيث قال الأديب عبدالله الشهيل إن الفلسفة في عهد ابن تيمية لم تكن موجودة بينما تواجدت في القرن الثامن عشر الميلادي مشيرا إلى أن نقل العاصمة من الدرعية إلى الرياض ربما يعود إلى رؤية من نقلها بأن وضع الرياض الاستراتيجي أفضل من الدرعية، مؤكدا حديث المحاضر الذي أشار فيه إلى عدم صحة ربط الدعوة الإصلاحية بالتكفير حيث إن دعوة ابن عبدالوهاب جاءت للتسامح وأنها براء من التهم التي وجهت إليها.