لحظات عظيمة في عمر أي إنسان أن يشعر أن رأيه مقدر، أو فكره مهتم به، ولحظة تاريخية له أن يسمع اسمه يتداوله الإعلام بوصفه واحدا ممن اختارهم الملك عضوا في مجلس الشورى.. لكنها أيضا لحظات عصيبة أن تخطو تحت تلك القبة، وأنت تعرف أنك لست كمن سبقوك في الدورات السابقة، فالوقت اختلف، وأصبح ما يناقش خارج القبة أعلى كثيرا مما يناقش تحتها.. وأصبح كرسي العضوية غير وثير، ولم يعد وجاهة، بل مكانا ملتهبا يفرض على صاحبه أن يكون على مستوى ثقة ملك وتطلعات الشعب، وموازنا بين مزاج عام سلبي وعقلانية طرح..

لا بديل في المجلس الجديد عن مواكبة الآمال، فالرقابة الشعبية في أعلى مستوياتها، والإعلام الجديد هو صانع الرأي الأول.

2013 تختلف تماما عن 2009 في كل شيء، ولا بد للمجلس أن يختلف وهو يضم هذه الكفاءات والسير الذاتيه الثقيلة الوزن.. السعوديون اجتازوا بقيادة ملكهم عواصف عظيمة في العامين الماضيين، ولكنهم أيضا يريدون مجلسا معبرا عن أحلامهم لوطنهم، بعيدا عن صورة نمطية خلقتها رسالة إعلاميه تتثاءب.. والسعوديات يضعن مشاكلهن أمانة في أيدي أخواتهن شقائق الرجال بعيدا عن انتقاد من يطبل لمجالس دول فيها نساء، وينتقد تواجدهن في الشورى..

يضرب عبدالله بن محمد آل الشيخ بمطرقته مفتتحا دورة المجلس الجديدة، لكنها ليست كأي دورة.. فبضربة المطرقة أيضا تفتح أعين كل السعوديين، فإما أن يقود المجلسُ قاطرة المجتمع ويوصل صوت ورأي المواطن، أو سيكون كمن يزحف في سباق عدو.

أما الحكم على المجلس قبل بدايته، فهذه سوداوية انتشرت في مجتمعنا.. وتغلغلت حتى أصبحت واقعا مؤلما.. السنوات الأربع القادمة مفصلية بكل أبعادها في عمر الوطن.. وطن صامد وسط الدماء.. ووطن يريد أبناؤه وبناته أن يجسد حلمهم.. لا مدح يغدق قبل وقته.. ولا نقد ظالم في حكمه.. ولأن هذا الانعقاد ليس كسابقيه.. فلا بد أن يراه المواطن مباشرة.. بلا رتوش.. المواطن أصبح صانعا للخبر.. يتطلع لمجلس يصنع المستقبل.