تدور الأيام، وتدور السنوات، وتدور العقود، وتأتي أجيال وتذهب أجيال، ويتعيّن موظفون جدد، ثم يتقاعدون، ثم يموتون، وسُلّم رواتب الموظفين المدنيين، لا يتغيّر ولا يدور، ولا يتحرّك، ولا يحسّ.

أقلّ رواتب الموظفين في كل قطاعات الدولة، العامة والخاصة، هي رواتب الموظفين المدنيين، وأقل الموظفين حظاً في الدولة هو الموظف المدني، وأقل الموظفين علاوة هو الموظف المدني، وأقل الموظفين بدلات هو الموظف المدني، ومع كل هذا، ما زالت وزارة الخدمة المدنية ثابتة وجامدة تجاه تغيير السلّم الوظيفي المدني، ثبات تمثال أبو الهول وجمود أبو الهول، وربما تغيّر حال أبو الهول، لكن من المستحيل أن يتغير السلّم الوظيفي المدني.

ربما يقول قائل: إن وزارة الخدمة المدنية مجبورة على هذا الثبات الطويل على سلّم مرتبات واحد، لأنها وضعته وفق ما يتناسب مع الأوضاع المالية على المدى البعيد، وأنها حافظت بكل تفانٍ على جمود هذا السلّم، لحرصها الشديد على عدم استنزاف خزائن وزارة المالية على المدى البعيد، ولكن هل وزارة المالية بعيدة في كوكب آخر لهذا الحد عن وزارة الخدمة المدنية، حتى تضع سلّم رواتب لـ100 سنة، نظراً لعدم وجود فرص تلاقٍ بين الوزارتين إلا كل 100 سنة مثلاً، يجتمعان فيها ويتشاوران، ويغيّران هذا السلّم بما يتناسب مع متغيرات الحياة.

الموظف المدني في بلدنا، يتعيّن على راتب متدنّ، ويترقّى على راتب متدنّ، ويبقى على راتب متدنّ، ويتقاعد على راتب متدنّ، ويموت على راتب متدنّ.

سلّم رواتب هذا، أم سلّم عذاب؟