كان وما زال الحلم العربي قائما لدى الكثيرين من أبناء هذه الأمة من المحيط إلى الخليج رغم كل النكسات التي ألمت بها نتيجة تحولات السياسة وتجاذبات الظروف وتقلبات الأمزجة والأزمنة، فهو حلم يحمل في طياته الأمل في غد أفضل لأكثر من 350 مليون عربي، بعد أن ثبت للقريب منهم والبعيد أن وحدتهم هي السبيل الوحيد لصد كل الأخطار التي تحدق بهم من أعداء عنصريين أو طائفيين أو من انتهازيين يسعون لاستغلال خيراتهم وإمكاناتهم المادية والطبيعية والبشرية.

تذكرت هذا الحلم العربي الجميل وأنا أقرأ خبر دعم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البحرين لمشروع البورصة العربية المشتركة، وذلك بعد أن أمر بأن تستضيف مملكة البحرين المقر الرئيسي للبورصة، وترحيبه ودعمه لمبادرة رجال الأعمال العرب مؤسسي مشروع البورصة العربية المشتركة، وهو المشروع الذي يمكن قراءته باعتباره أول محاولة حقيقية لتفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك والهادف لتعزيز التكامل الاقتصادي البيني، وتيسير تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات العربية والدولية واستقطابها لمشاريع التنمية في الوطن العربي.

المشروع وإن كان هدفه في الأساس اقتصادي إلا أنه في تصوري يعمل على تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية التي تصب في مصلحة وحدة عربية نحن في أمس الحاجة لها في هذه الظروف التي تعيشها المنطقة، من تصارع مصالح فئوية وتخندق مذهبي، وفي وقت نحن كأمة وكشعوب أكثر ما نحتاج فيه إلى وحدة من منطلق أن مصيرنا واحد رغم كل من يحاول أن يدحض هذا الرأي ويشكك في حقيقته.

الدور الذي تلعبه المملكة في هذا المشروع الاقتصادي العربي الريادي ليس خافيا على المتابعين، والدعم العربي لنجاحه قد يستغربه الكثيرون، فقد أيد المشروع أغلبية الدول العربية إلى جانب البحرين باعتبارها مركزا ماليا عربيا منذ عقود، استطاعت أن تقوم بدورها الريادي في هذا المجال، والأمل معقود أن تكون الإرادة السياسية العربية على مستوى التطلعات التكاملية والتي ستعمل على تحويل ذلك الحلم الجميل إلى واقع معاش يستفيد فيه المغاربي من المصري ويستفيد الخليجي من الشامي.

الرياض ستستضيف الأسبوع القادم القمة العربية، والأمل قائم في أن يطرح المشروع على القادة لكي يعتمد ويصبح الحلم العربي أقرب ولو خطوة واحدة من إمكانية تحقيقه واقعيا، ولنفرح بأن قرارات القمة قد تحولت أخيرا من المبادرات إلى الإنجازات، ونكون أقرب لوحدة عربية طال انتظارها.