تشعر أحياناً أن المفاهيم معكوسة عمداً..
ضربت وزارة التربية والتعليم "الطلاب الصغار" لكي يتأدب "المعلمين"، وحرمت الطلاب من "الشهادات" ثلاثة أسابيع لتجبرالمعلمين على توقيع الحضور والانصراف في مدارس خالية إلا من الكراسي والطاولات وصوت رياح "الشبط" الباردة!
اليوم هو موعد توزيع شهادات طلاب المرحلة الابتدائية حسب تعميم وزارة التربية والتعليم الذي أكدت فيه على عدم سماحها بتوزيع الشهادات قبله، رغم أن الخطة الدراسية لطلاب الابتدائي انتهت منذ ثلاثة أسابيع، والحصص العلاجية لمن حصلوا على تقديرات متدنية انتهت منذ أسبوعين!
اليوم.. لم تعد للشهادة "قيمة" عند الطالب بعد مماطلة الوزارة بتوزيعها؛ لتضطر المعلمين إلى توقيع الحضور والانصراف يومياً بلا أي فائدة.. والحقيقة أن شهادات المرحلة الابتدائية لم تعد لها قيمة عند الطالب منذ تحولت من درجات حقيقية تميز فيها "نصف الدرجة" بين طالب وآخر، وأصبحت "تقديرات رقمية" لا تميز بين من نسبته 100% ومن نسبته91%، فكلاهما في خانة "الواحد"!
أحترم كثيراً قيادات وزارة التربية والتعليم إلا أني لا أحترم كثيراً من قراراتها التي توحي أحياناً بأنها تُتخذ بلا إدراك لوضع المدارس ووضع الطلاب فيها، وتتخذ بدافع ضبط ساعات العمل وهي لا تعي أن الحضور والانصراف لا يمكن أن يكون مقياساً لضبط ساعات العمل بالمدارس.
لا يمكن ضبط ساعات العمل إلا بثقة الوزارة بـ"المعلم" وثقة "المعلم" بـ"الوزارة"، وليس بالحضور اليومي، لأن عمل المدارس يجري في الفصول بعدما تغلق الأبواب على المعلمين مع طلابهم.. واكتشاف تقصير المعلم في نهاية العام الدراسي يعني خسارة جيل، وتضرر أطفال لا ذنب لهم إلا أنهم وقعوا ضحية بين وزارة وموظفيها.. فكان "مستقبلهم" ساحة لرد الصاع صاعين.
لا يمكن لمؤسسة تعليمية أن تزرع "الثقة" في نفوس "النشء" وهي لا تثق بمن يربيهم، فتجبرهم على تأخير شهادات الطلاب فقط من أجل الحضور والانصراف!
حضور المعلم إلى المدرسة بلا طالب لا يعني إلا هدراً للوقت.
(بين قوسين)
وحدهن المعلمات تجاوزن "وزارة التعليم" واستشعرن أهمية "التربية"، فأحيين روح التنافس بين الطالبات بتقديم جوائز وشهادات تقدير على حسابهن الخاص، لكي لا تُصدم الطالبة بورقة "صماء" لا تحوي إلا أرقاما بلا معاني للجد والاجتهاد.