"ليتهم (ينطمون)، ثلاث ساعات وهم (يبربرون) وفي كل شيء يثرثرون، وليتهم عاد يفهمون.

قلت له: (وراك) (معصب).

قال: نفتح التلفزيون نبغى نعرف من الأقرب للفوز وليه، ونبغى نعرف وين قوة هالفريق ووين نقاط ضعف ذاك الفريق، ومالمنهج التكتيكي المتوقع لمدرب فريقنا وسمات التميز عند لاعبينا، والرؤية الفنية لواقع البطولة، وتحليل موضوعي لمبارايات اليوم وبكره، بس ما فيه فايدة.

قلت له: ليه.

قال: ماتشوف هالبرامج الرياضية صارت تجمع الأشطر في قلة (الحيا) و(طولة) اللسان وقوة الصراخ، وإذا وجدوا من هو في خانة المجانين يتسابقون على استقطابه، عشان يجيبون مشاهدين واجد وينافسون بقية البرامج المماثلة، شوفهم كل يوم هوشة وصراخ، وعشرة يتكلمون مع بعض ومذيع على وضع صامت ومخرج على وضع هزاز، ومصور على وضع أوتو"!

بعاميته المعتادة وببساطته المعهودة كان جاري أبو أحمد يحدثني عن بطولة دورة الخليج لكرة القدم المقامة حاليا في البحرين، وكان يشكو لي واقع البرامج الرياضية وكيف أنها باتت مهزلة إلى درجة أنها صارت حديث الشارع الرياضي وغير الرياضي أكثر من البطولة نفسها.

ما سبق كلام جاري أبو أحمد الذي يرى أن تتدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الإعلام لوضع حد لما سماه بسخافة ما يطرح في القنوات الرياضية والبرامج الرياضية حيث تجاوز بعض ما يطرح فيها المعقول ووصل إلى حد السخف والابتذال والاستهزاء، وعدم احترام المشاهدين والمستمعين مستشهدا بأحد المحللين الرياضيين حينما أقحم ذات يوم ليس ببعيد كلمة (المتعة) في غير مكانها ساخرا بزميل له أثناء جدالهم حول مباراة، وقبل ثلاثة أيام عاد نفس المحلل ليقحم عبارة (العادة الشهرية) في غير مكانها ولا في سياقها، وهو يجادل نفس الزميل السابق الذي أسقط عليه كلمة (المتعة) بشكل قبيح ليضحك عليه بقية الحضور ويصيبنا بالصدمة جراء هذا الطرح الشوارعي الذي يتكرر شبه يومي بوجود مقدم البرنامج الذي يبدو أنه وكالعادة تم ضبطه على وضع (صامت) وفق تحليل جاري أبو أحمد!

أجمل ما سمعت تعليقا على سخافات البرامج التحليلية الرياضية ما كتبه الزميل خالد السليمان في الزميلة (عكاظ) نقلا عن الإعلامي سعود الصرامي عندما كتب متسائلا: "لماذا لا يشمل برنامج الكشف على المنشطات ضيوف القنوات الفضائية الرياضية"؟!

ففي ظني أن مطلب الزميل الصرامي لم يأت من فراغ بل جاء من هول ما سمع وما رأى من كلمات وعبارات وهوشات وإسقاطات وتلميحات تجعل السوي يشك أن من هم أمامه في حالة لا وعي تستدعي الكشف.

أنا لست مع أي توجه أو دعوة للتضييق على حرية الرأي في الصحف والقنوات والإذاعات لوقف هذا الهراء الذي يدفع ثمنه بالدرجة الأولى منتخبنا الأول لكرة القدم، ولكنني أدعو القائمين على وسائل الإعلام العامة والخاصة للتدقيق في اختيار مقدمي تلك البرامج ممن يملكون وعيا وإدراكا يعينهم على التفريق بين عادة وعادة وبين متعة ومتعة!