لن يتوقف قلمي عن الكتابة حول العنصرية المقيتة، والتي تتمظهر بأشكال بانورامية متنوعة، وحيث إنه لا حديث هذه الأيام للجماهير الرياضية إلا عن خليجي 21، سأكتب هذه المرة عن إفرازات العنصرية البغيضة في كرة القدم. وقد شاهدنا جميعا بأم أعيننا ازدياد حدة التعصب الرياضي في القنوات الرياضية، وخاصة ما حدث قبل أيام خلال أحد البرامج الرياضية الشهيرة من مشادة حادة بين محللين رياضيين، وصلت إلى حد الابتذال والتراشق بالكلمات الساخنة، مما أدى إلى انسحاب أحدهما من البرنامج، الأمر الذي أثار استياء العديد من مشاهدي هذه البرامج، ولك أن تنظرـ عزيزي القارئ ـ إلى رسائل التعصب العنصري الممزوجة بالسخرية والاستهزاء في مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيس بوك" و"البلاك بيري" و"مسنجر" و"اليوتيوب" أو "الواتس آب" كخير شاهد على استفحال هذه الظاهرة المقيتة!. إنني أتساءل: هل هذه المواقف هي جديدة على بطولات الخليج؟.

بالطبع هي ليست بجديدة، إلا أنه مما يؤسف له أننا مجتمعات بلا ذاكرة، اعصروا ذاكرتكم، واستدعوا معي بطولات الخليج الماضية، وخصوصا خليجي 20، هل تذكرون كيف ثارت ثائرة بعض الإعلاميين السعوديين، بعد أن وصف أحد الإعلاميين الخليجيين إحدى الفرق بـ"بقايا حجاج"؟ هل تذكرون خليجي 20 في عدن كيف كانت رسائل العنصرية تمتلئ في بعض المواقع الإلكترونية ضد أشقائنا اليمنيين في محاولة للتندر بلهجاتهم ومعاناتهم؟ السؤال المطروح: ما هي التدابير التشريعية والإدارية التي سنها المسؤولون في الخليج لمحاربة التعصب العنصري؟ أين هي الحملات الإعلامية لمواجهة التعصب الرياضي؟.

في الأسبوع الماضي ثارت أوروبا كلها تضامنا مع لاعب نادي إي سي ميلان الإيطالي "كيفن بواتتينغ"، بعد ما انسحب هو وفريقه في إحدى المباريات الودية عقب توجيه إهانات عنصرية من بعض الجماهير.. انظروا ماذا حدث بعد ذلك؟.

1- النائب العام صرح في مدينة "لومبارد" أنه سيفتح تحقيقا جنائيا في تهم تتعلق بالتحريض على الكراهية العنصرية.. 2- عمدة المدينة سيقاضي المتهمين.. 3- مؤتمر الأساقفة الإيطالي شجب العنصرية والتعصب الرياضي في كرة القدم. 4- مالك "إسي ميلان" وهو رئيس الوزراء السابق "سيلفيو بيرلسكوني" يتوعد بالانسحاب مرة أخرى في حال تكررت هذه الإساءات في مباراة لاحقة.

في كأس أوروبا "اليورو"، نجد أن المباريات تفتتح بكلمة من قادة الفرق تدين فيها العنصرية وتحذر من مخاطرها وأضرارها، بل أكثر من ذلك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أطلق حملة في البطولات الأوروبية والدوري الأوروبي، بأن يرتدي قادة الفرق شارات تربط حول العضد لمحاربة التعصب مكتوب عليها عبارة: "اتحدوا ضد التعصب".

كان بودي أن تطلق شعارات اللعب النظيف في مباريات بطولة خليجي 21، وأن يقرأ قادة الفرق الأربعة رسالة تدعم اللعب النظيف، وأن الجميع من لاعبين ومدربين ومسؤولين وإعلاميين وجماهير سيلعبون ويشجعون ويتابعون بشكل نظيف داخل أو خارج المستطيل الأخضر، كم كنت أتمنى عرض لافتات تحمل شعار "لعبتي هي اللعب النظيف".

أخيرا أختم مقالي بهذه العبارة الرمزية: إن الكرة المستديرة أو "المجنونة" تسحر الطفل الصغير وهي تدحرج على الأرض، وقد سحرتني ودفعت ضريبة سحرها، وعلينا أن نتابع حركتها بشرط ألا تتضخم في عقولنا لتصبح أثقل من قوة ركلة القدم، وبالكاد يستطيع اللاعب أن يمررها أو يسددها من بعيد نحو المرمى.